حوار

زواج الرجل من أخرى سرا حق شرعي أم خيانة زوجية؟

الزواج سنة الله في خلقه وقد أوصى به نبي الأمة ( صلى الله عليه وسلم) في العديد من الأحاديث وفي العديد من المواقع. وشجع الإسلام الزواج وحببه إلى نفوس البشر وجعله منبع هدوء واستقرار وتناسل الأمم.. وهو من اجمل المناسبات الاجتماعية التي تسعد الناس وتؤنسهم. ولكن حينما يختل احد مفاهيمه في عقول البعض وفي نظر المجتمع فانه يتحول إلى كارثة تهدم بيوتا وتضيع أسرة وأولادها. الزواج السري للزوج من امرأة اخرى احد معاول تدمير للزواج الاول.هل هذا حق شرعي للرجل خاصة أن الخالق قد أباحه له .. أم يعد خيانة زوجية وإهانة لكرامة المرأة كما يعتقده البعض؟ هنا تتشعب وتتفاقم الآراء عند علماء الدين والتربويين والباحثين الاجتماعيين ومختصي علم الأسرة . ويتحول الموضوع إلى قضية للنقاش نعرضها هنا على كل من الدكتور الشيخ محمد العلي الأستاذ بكلية الشريعة ورئيس لجنة تيسير الزواج والأستاذة لطيفة التميمي مديرة الإشراف الاجتماعي بالمنطقة الشرقية والباحثة الاجتماعية ليكون هذا الحوار : سطوة أم خوف@ زواج الرجل سرا بثانية هل سببه سطوة الزوجة الأولى وأهلها أم الخوف من نقد المجتمع أم شعور بذنب وخيانة للزوجة الأولى ؟ـ. د. العلي : دعونا في البداية نؤصل المسألة تأصيلا شرعيا .. الله سبحانه وتعالى أباح للرجل أن يتزوج اكثر من واحدة قال تعالى (فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) واشترط لذلك العدل بين الزوجات (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) والعدل في أمرين في النفقة والمبيت وزواج المسلم بزوجة ثانية ليس أمرا منكرا في الشرع بل هناك عدة دوافع تدفع الرجل إلى ذلك منها كون الزوجة الأولى مريضة أو لا تنجب أولادا ومنها أنها لا تعفه ولاتشبع رغبته ومنها إهمال الزوجة الأولى للزوج خاصة بعد السنة الأولى من الزواج ومنها أن يكون هناك دافع إنساني للزوج ولكن أن يجعل الرجل زواجه بثانية سرا يخفيه عن الزوجة الأولى فسببه نظرة المجتمع السلبية وكذلك سطوة الزوجة الأولى وعدم تقبلها للزوجة الثانية وكذلك البرامج الإعلامية التي تضخم هذا وتجعل الزواج جريمة والأصل أن العلاقة الزوجية تقوم على الثقة بين الزوجين والوضوح بينهما ويرى البعض أن كتمان الزواج بثانية قد يكون إيجابيا في بداية الأمر ولكن بشرط ألا تطول فترة كتمان الأمر والمبادرة إلى إعلام الزوجة الأولى وعلى الزوجة الأولى أن تتقبل الأمر وترضى وخاصة إذا كان هناك دوافع منطقية للزواج . . ا. التميمي : على الرجل عند زواجه من امرأة ثانية أن يراعي شعور زوجته الأولى وابنائه منها لذلك من الصعب عليه اخبارهم بذلك فالأمر يحتاج للتمهيد والتدرج في الإبلاغ خاصة إذا كانت علاقته بأسرته جيدة . الزوجة الثانية@ لماذا يفكر الرجل بالزوجة الثانية هل بسبب موت الحب بينه وبين زوجته الأولى أم لان الزوجة الأولى لا تلبي طموحاته في حياة زوجية هانئة أم ذلك يعود لنزوات الرجل وهفواته ؟ ـ . د. العلي :يفكر الزوج بالزوجة الثانية حينما يشعر بالحاجة إلى زوجة ترعاه وتهتم به والحقيقة أن كثيرا من الزوجات يهملن أزواجهن وتفتر العاطفة الزوجية فلا يجد الزوج ذلك الاهتمام الذي يجده في بداية الزواج وقد تنشغل الزوجة بوظيفتها وأولادها ولذلك فالزوجة الذكية هي التي تستحوذ على زوجها وتحيطه بالرعاية وتشعره بالحب فيظل مشدودا إليها لا يفكر بأخرى. ومع ذلك فقد تكون الزوجة قائمة بحقوق الزوج غير مقصرة ويكون الزوج محبا لها ومقدرا لرعايتها ولكن قد توجد دواع أخرى للزواج من ثانية فليس الزواج بثانية يعني إهمال الزوجة الأولى لزوجها أو أنها لم تقم بواجبها . ا.التميمي : الأسباب في هذا الموضوع كثيرة جدا فهناك المضطر وهناك الهارب من جو اسري غير مريح وهناك صاحب النزوة وهناك المستزيد من فضل الله ولا يمكن في نظري تحديد سبب واحد . تحمل المسؤولية@ هل الزواج بزوجة أخرى يعود إلى عدم تحمل المسؤولية كما هو الحال في الطلاق أحيانا أم أن التقليد الباهت للمجتمعات الغربية في عدم الوفاء وخيانة الزوجة والارتباط سرا ؟؟ أم هناك أمور تدفع بالرجل إلى الارتباط سرا بأخرى؟ـ د. العلي : الزواج بزوجة أخرى أمر أباحه الله وهو علاج لمشكلة العنوسة ومشاكل أخرى فمن المعروف زيادة نسبة الإناث على الذكور فإذا قلنا أن الرجل يتزوج بواحدة فقط فستبقى نسبة من النساء بلا زواج وكذلك كما ذكرنا قد تكون الزوجة الأولى مريضة أو لا تنجب أو مشغولة بعمل لا يمكنها من خدمة الزوج فالإسلام لا يأمر بطلاق الزوجة الأولى بسبب مرضها أو عقمها أو غير ذلك بل تظل على عصمة الزوج وتحل المشكلة بالزواج من زوجة أخرى والزواج بزوجة ثانية أو ثالثة ليس تقليدا للمجتمعات الغربية لان المجتمعات الغربية لا تسمح بالتعدد بسبب أن النصرانية تحرم تعدد الزوجات. ا. التميمي : من اكثر الأسباب في رفض الزوجة الثانية من قبل المجتمع هو عدم مراعاة الضوابط الشرعية عند الزواج إذ تسببت الكثير من الزيجات من هذا النوع بإعطاء مثال سيئ عن تعدد الزوجات ولا نجد إلا القلة القليلة مما أعطى صورة مشرقة وجيدة تجعل الآخر اكثر قبولا . اثر الفضائيات@ ما اثر الفضائيات والثقافات الغربية الوافدة إلينا في دفع الرجل للتفكير بالارتباط بزواج ثان سرا والتفكير بالخيانة الزوجية ؟ ـ . د. العلي : اثر الفضائيات في التأثير يتضح من خلال الإثارة الجنسية عبر الأفلام والمسلسلات التي تعرض المرأة فيها مفاتنها ومحاسنها, فحينما يرى الزوج أولئك الفاتنات ويقارن بهن زوجته يشعر أن هناك فرقا كبيرا وقد يحدث نفسه بالتغيير لعله يجد زوجة تشابه من يراهن في الفضائيات . . ا. التميمي : وسائل الإعلام فضائية كانت أو عادية لها دور كبير وفعال في تشويه صورة العلاقات الزوجية المتعددة و تزيين العلاقات غير الشرعية خارج نطاق العلاقة الزوجية بدافع الحب ذلك الوهم الذي يسعى الجميع للوصول إليه وهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء فالحب الحقيقي الثابت القوي لا يكون إلا عبر علاقة زوجية شرعية باطنها الرحمة وظاهرها الاحترام . المشاكل الزوجية@ المشاكل الزوجية والزواج بأخرى يفرز جيلا ضائعا له تأثير سلبي على المجتمع وبناء نهضته فما أبعاد هذا الأمر في رأيكم ؟ ـ .د.العلي : ليس بالضرورة أن يكون الزواج بثانية سببا لخلق المشاكل الزوجية وان يؤدي الى ضياع الأولاد فالزوج إذا كان ذا شخصية قوية والتزم بالضوابط الشرعية واهتم برعاية زوجاته وأولاده فلن توجد المشاكل والخلافات فالمسألة تعتمد على شخصية الزوج وكيفية تعامله مع زوجاته . . ا. التميمي : من أهم الضوابط الشرعية في الزواج العدل والمساواة بين الأسرتين للرجل ذي الزوجتين وتحمل مسؤولياتها بالكامل فغياب هذه الضوابط لابد أن يخلق الكثير من المشاكل ومن أبرزها التفكك الأسرى الذي يعتبر المصدر الأول والسبب الأقوى للضياع والتشرد والفقر والفشل الدراسي للأبناء . تدخل الدولة@. يرى البعض أن الدولة لابد من أن تتدخل في وضع القوانين والأنظمة التي تحول دون الزواج الثاني سرا حتى لا تهدم الأسرة الأولى والأساسية .. فما برأيكم المدى الذي يلعبه تدخل الدولة للقضاء على الظواهر السلبية الناتجة عن ذلك ؟ ـ . د. العلي : لا أرى أن تدخل الدولة في وضع الأنظمة التي تحول دون الزواج بثانية أو ثالثة لان هذا الأمر شرعه الله وأباحه ولكن ينبغي أن تقوم الجمعيات الخيرية والاجتماعية بعقد دورات لتوعية الزوج والزوجة بحقوقهما وواجباتهما وكيفية بناء العلاقات الزوجية والأسرية. . ا. التميمي : من أهم واجبات المؤسسات الشرعية وعلماء الدين والمصلحين الاجتماعيين بيان الأحكام الشرعية والأخطاء الاجتماعية الناجمة عن هذا الزواج ونشر الوعي في المجتمع حتى تكون هناك رقابة ذاتية فيتقون الله ولا يظلمون غيرهم ولا أنفسهم. القضاء علي العنوسة@ الحديث عن الزواج بثانية وثالثة يذكرنا بارتفاع نسبة العنوسة ... فكيف يمكننا التوفيق بينه وبين الزواج الذي لا يهدم الأسرة ويقضي على العنوسة ؟ ـ . د. العلي : من الحلول لمشكلة العنوسة هو فتح باب التعدد فالمسلم القادر على التعدد يمكن أن يتزوج امرأة عانسا وكذلك من الحلول التشجيع على الزواج من المواطنات وعدم الزواج من الخارج وينبغي أن ننظر في الأسباب التي تدعو الشباب إلى الإعراض عن الزواج أو تأخيره. . ا. التميمي : نعم يوجد الكثير من النساء اللاتي تجاوزن سن الزواج بكثير وهذا يعود إلى عدة أسباب من أهمها اختلاف نظرة المجتمع للسن الذي يجب تزويج الفتاة فيه حيث نرى الكثير من الفتيات وأولياء أمورهن يحبذن إنهاء الفتاة دراستها الجامعية قبل الزواج و إصرار بعض الرجال على إنهاء تعليمه والالتحاق بالوظيفة وتكوين نفسه ماديا قبل الزواج فإذا اصبح جاهزا للزواج اختار فتاة صغيرة في السن وترك الشابة التي أنهت تعليمها الجامعي بحجة إنها كبيرة . إضافة إلى مظاهر الزواج المبالغ فيها وما تحمله للأسر من أعباء وتغير نظرة المجتمع للزواج فلم نعد نرى فيه الحل المثالي للعفاف وسكون النفوس وتقليل مشاكل الشباب والشابات بل أصبحنا نراه عبئا ماديا وقيدا اجتماعيا. ونعم من حلول العنوسة تعدد الزوجات بالضوابط الشرعية التي شرعها الله وفصلها علماء الدين وبوعي المجتمع بأهميته واعداد نفوس النساء والرجال لقبوله. وهناك من النساء من تدفع زوجها للزواج من أخرى وتجبره على الأمر قسرا لسوء خلقها معه وبيد المرأة أن تجعل منزلها جنة وارفة الظلال أو تجعله سجنا مظلم الجنبات.أمر مشروع@ هل بإمكان الرجل مواجهة الزوجة الأولى بخيانته الزوجية لها بعد ارتباطه بالثانية سرا كما تعتقده الأولى أم لايمكن اعتبار ذلك خيانة مادام الأمر مشروعا ؟ د. العلي : لا اتفق معكم في تسمية الزواج بثانية خيانة زوجية لان هذا العمل مباح ومشروع أما كتمان الزواج وكونه يكون سرا فهذا خطأ أو سوء تصرف ينبغي علاجه والأصل أن يصارح الزوج زوجته الأولى وان يبين حاجته الى زوجة ثانية ويبين دوافعه إلى هذا الزواج . . ا. التميمي : الخيانة مصطلح أوجده الإعلام فالزواج بأخرى أمر شرعي وهو حق من حقوق الرجل وهبه الله إياه ولا نستطيع إطلاق هذا المصطلح عليه أما معرفة الزوجة الأولى بالزواج فانا اعتبره أحد العوامل الأساسية التي تدعم نجاح الزواج الثاني خاصة إذا كانت هي أول من يناقش معه الموضوع ليخرج الطرفان بالقناعة المطلوبة . كرامة المرأة@ يقول البعض ان كرامة المرأة وهيبتها في أعين أولادها تذهب حينما تتنكر للزوج المتزوج عليها سرا وتتنازل عنه بسهولة وتبدأ حياة جديدة بعيدة عنه وعن أطفاله ؟ كيف ترون ذلك ؟ ـ د. العلي : كرامة المرأة وهيبتها تعود إلى شخصيتها وكيفية تصرفها بعد علمها بزواج زوجها عليها فان تصرفت بحكمة وعقل وتقبلت الموضوع فان كرامتها وهيبتها في أعين أولادها وزوجها تزيد وان تصرفت بحماقة وشراسة وتنكرت لزوجها وافتعلت المشكل اهتزت شخصيتها وذهبت هيبتها . . ا. التميمي : لابد من التفريق بين دور المرأة الأسرى وكونها الزوجة الأولى فليس من السهل التنازل عن هذا الدور لأي سبب كان . حق شرعي@ هل الدين الإسلامي يقر زواج الرجل سرا من امرأة ثانية غير الأولى ويعده حقا شرعيا له ؟ ـ . د. العلي : الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة ولكن ينبغي أن يكون واضحا في ذلك وألا يكون سرا بل يعلن زواجه أمام الجميع لانه لا يفعل منكرا واعتقد أن من يتزوج سرا بأخرى ويستمر على هذا الوضع وينجب الأولاد ولم يتضح الأمر الا بعد وفاته أقول أن هذا تصرف خاطئ وقد يضر بالزوجة الثانية وأولادها وقد تضيع حقوقهم الشرعية وكذلك قد يخلق هذا الأمر عداوة بين أولاده من الزوجتين ولو انه أعلن ذلك في حياته لأدى ذلك إلى أن يتعرف الناس على زوجته الثانية وأولاده وان يعترفوا بحقوقهم فكتمان الزواج له مخاطر وسلبيات كثيرة.ا. التميمي : يوجه هذا السؤال إلى علماء الشريعة والدين.
وماذا بعد