صحيفة اليوم

د. آمال الودعاني

أثلجت صدورنا الحملات الأمنية التي قام بها أفراد الأمن لمتابعة المخالفين, لاجتثاث جذور الفساد من البلد. وقد أوتيت تلك الحملات ثمارها, إذ استطاع المسؤولون القبض على العديد من العمالة السائبة بعد أن عاثت في بلادنا فساداً.. ولست هنا بصدد الحديث عن ذلك الإنجاز الكبير, فقد أسهب في الكتابة عنه الكثير من الكتّاب, وأشبعت العديد من الأقلام تحليلاً ومدحاً!.إن نجاح مثل هذه الحملات التطهيرية جعلني أتمنى لو أن مسؤولينا الكرام قد كثفوا جهودهم الأمنية - على غرار ما قاموا به من شن للهجوم المباغت على أوكار العمالة المتخلفة - وركزوا هذه المرة على تجمعات الشباب والمراهقين في أماكن معروفة على كورنيش مدينة الدمام.. أو الواجهة البحرية في الخبر, حيث يقوم هؤلاء بكل ما لا يخطر على البال من أعمال الشغب والعنف, تستهدف بعضهم بعضاً, حيث يتسلح أغلبهم بأدوات خطرة كالجنازير والسلاسل أو الأسلحة البيضاء التي تستخدم في المناوشات أو التحرش بالآخرين, وقد يفضي هذا العنف إلى ما لا تحمد عقباه, بل إن مثل هذه التحرشات وأعمال الشغب باتت تستهدف العائلات المسالمة التي تقصد تلك الأماكن مع الأطفال لغرض الترويح عن النفس بعد عناء أسبوع حافل بالعمل والجهد.. ولكن أبى هؤلاء إلا أن يضايقوهم بحفلات (الردح) والرقص التي تتفاوت بين التمايل على أنغام (الباند) الغربي إلى الشرقي.. وهناك من يأخذه الطرب بعيداً ليرقص كما النساء بعد أن (يتلثم!), إذ تستهويه أغاني (الطقاقات!), فتراهم يرفعون صوت المسجل عالياً ويقومون بالاستعراض أمام العائلات دون حياء أو خجل.. وليتهم يكتفون بالتمايل والتلوي, إذ يعمد البعض من عشاق الطرب إلى حد مضايقة النساء واستفزازهن, لذا يفضل العديد من أرباب الأسر الانسحاب بأسرهم خوفاً وهلعاً من سوء العاقبة!.حقيقة لا أعلم لماذا لا تكثف الدوريات الأمنية تواجدها في الأماكن التي يتجمع فيها هؤلاء وهي معروفة ومحدودة.. وبالذات في عطلة نهاية الأسبوع, إذ يقوم هؤلاء المشاغبون بأفعال (أكروباتية) على طريقة (يا ناس شوفوني!) فمنهم من يستعرض بالدراجات النارية, وبطريقة خطرة بدون ارتداء الخوذات الواقية.. والبعض الآخر يفحط بطريقة هستيرية قد تفقده السيطرة على سيارته لتجنح مما يعرض حياة الجالسين على الكورنيش وغيره للخطر!.في إحدى المرات, رأيت ما آلمني وأثار حفيظتي عند الإشارة, وقفت سيارة مكشوفة تتمايل من ثقل ما حملت من المراهقين الجالسين بطريقة خطرة على حواف نوافذها المفتوحة, وهم يتراقصون على دفوف (الطقاقات).. لقد كان صوت المسجل مما آذى من يقف بجانبهم من السيارات ولا أدري ماهية الاحتفال الكبير الذي جعلهم يخاطرون بحياتهم ويؤذون الناس من حولهم؟!ولعلّ الخروج لقضاء احتياجاتك وقت الذروة حيث المباريات.. أو أماكن تجمعهم أثناء عطلة نهاية الأسبوع, من المعاناة بحيث يجعلك تفكر ألف مرة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة لعلمك بفداحة ما ينتظرك من تلف للأعصاب! وربما تعرضت ومن معك للخطر بسبب تهور هؤلاء المراهقين أثناء قيادتهم سياراتهم وسط الزحام مما يجعل يدك لا تفارق قلبك من هول ما يحدث من تجاوزات!.. فلو كان للدوريات الأمنية حضور وتواجد لما أساء هؤلاء الأدب لأنهم قد أمنوا العقاب!.. فيا مسؤولينا الكرام, حرمات الناس وأعراضهم وأرواحهم ليست هباءً منثوراً ليستبيحها هؤلاء!.. ولعل في تواجدكم خيراً لهم ولأسرهم, فما يفعلونه بمثابة الانتحار وإلقاء أنفسهم إلى التهلكة!.