صحيفة اليوم

خليل الفزيع

مازلنا نتعامل مع صغارنا بأساليب تربوية عفى عليها الزمن، ومازالت معاملة آبائنا تتحكم في تعاملنا مع أبنائنا، وكما كنا نسمع (لا) واضحة صاخبة من آبائنا، ها نحن نكرر (لا) أكثر وضوحا وصخبا كلما ارتكب أحد أبنائنا أو بناتنا مالا نرضى.وفي كل الحالات نتناسى ما تشكل لديهم من وعي لم يكن متاحا لنا في الماضي لانعدام وسائل توصيله الينا، أما في الوقت الحاضر فإن وسائل هذا التوصيل أكثر من أن تحصى، فلا عجب أن يتربى لدى الصغار ذلك الوعي المدهش الذي قد يعجز بعض الكبار عن مجاراته والتفاعل معه، بل وحتى الاعتراف به.وعي الصغار لم يعد امنية لأولياء الأمور، بل هو واقع، وعلى أولياء الأمور أن يدركوا حقيقة هذا الوعي، ويوفروا لأبنائهم وبناتهم فرص تنمية هذا الوعي بما هو مناسب وفي الاتجاه الصحيح، فخطورة القمع التي يمارسها بعض الآباء مع أبنائهم أو بناتهم، لن تأتي إلا بنتائج عكسية غير ما هو مطلوب منها، وهذا مالا يريد الاعتراف به بعض الكبار.لقد أصبح بإمكان بعض الصغار تعليم بعض الكبار أمورا كثيرة قد فاتتهم معرفتها، وعلى هؤلاء الكبار ألا يستنكفوا الاستفادة من هذا الأمر، ويروا أنهم دائما على حق، ودون الاعتراف بوعي الصغار.وكما هو الحال على المستوى الأسري، فإن الحال ينطبق أيضا على المستوى الاجتماعي، لأن بعض الكبار مركزا أو ثراء، يعتقدون ان الوعي محتكر لديهم، ولا يحق لسواهم التمتع بهذه النعمة، وهذا اعتقاد ينطلق من ضيق الأفق، ولا يعبر عن حقيقة ثابتة، فالوعي متاح للجميع، سواء كان وعيا نوعيا في مجال معين أو هو وعي شامل.في كل الحالات مالم يكن الوعي مرتبطا بالمسؤولية، فقد الكثير من ايجابياته، وهذا يعني اننا عندما نعلم الصغار الوعي علينا أيضا أن نعلمهم المسؤولية، واذا تسربت اليهم دون علمنا قنوات الوعي، أصبحنا أمام مسؤولية تسريب قنوات المسؤولية اليهم، ليكون الوعي مرتبطا بالمسؤولية على الدوام، ويكون تعاملنا مع وعي صغارنا أكثر فهما للواقع، واستجابة لمعطياته.