د. شلاش الضبعان

اتركني وشأني!

«بعض الناس تتمنى أن تقول له: تعال، خذ أذنك حصلناها عندنا أثناء ما كنا نتكلم»!.ما هذا الفراغ الذي يملكه البعض بحيث يوقف أعماله ويصرف أوقاته لتحليل علاقة فلان بزوجته، والتنبؤ بمستقبل علاقة فلانة مع أهل زوجها، وهل فلانة حامل وتخفي حملها عن الآخرين أم غير ذلك؟!أوقات تُهدر من أجل قضايا تافهة، وفوق ذلك وحيث إن كل تحليل لا بد أن يكون مبنيا على معلومة، فإن البعض يسترسل وراء هذه الاهتمامات المتدنية، ليبدأ في إلقاء أذنه في كل مكان يخطر ولا يخطر على البال، لعله يحصل على معلومة ترضي فضوله وتدعم وجهة نظر معينة في هذه المواضيع التي لا ناقة له فيها ولا جمل!المشكلة في هذا الأمر مع الإشكال الشرعي الأكبر حيث قال المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- «إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال»، وقال -صلى الله عليه وآله وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، لأن فيها تفريقاً للعائلات والأصدقاء، فطبيعة البشر أنهم لا يحبون من يتدخل في خصوصياتهم حتى ولو ألبس هذا التدخل لباس الحب والشفقة والنصيحة، فكيف إذا أضيف إلى ذلك أن صاحب الأذن الملقاة لا يملك من المقومات التي تساعده على إثبات أن صدق تدخله من أجل النصيحة، ففاقد الشيء لا يعطيه!والمشكلة الأخرى أن هذه الاهتمامات مع تفاهتها أنها على حساب الأهم. فلو اهتم هؤلاء الفضوليون باستغلال الأوقات التي يشغلونها بمتابعة أخبار الآخرين بتطوير أنفسهم، وتربية أولادهم، وبما يناسب قدراتهم من أعمال لانتهى كثير من مشاكلهم. مما نشاهده في واقعنا، لا يشك أحد أننا بأمس الحاجة إلى إعادة النظر في علاقاتنا مع من حولنا، أين نتحرك؟ ومتى نتوقف؟ حتى لا نخسر من لا يستحق الخسارة، وفي تعاملنا مع أوقاتنا التي هي أثمن شيء في حياتنا وكثير من مشاكلنا سببه عدم تقديرنا لأهمية الوقت، وفي اهتماماتنا بإعادة ترتيبها، وتقديم الأولى مع حذف المتدني. وباختصار: تعرف الإنسان من اهتماماته.