لمى الغلاييني

متى شعرت بأنك مستغل؟

هل فقدت القدرة على تبين ملامح حياتك الخاصة في خضم محاولاتك العناية بحياة من حولك؟ إذا أجبت بنعم على السؤال السابق فأنت ضمن كثيرين مصابين بنوع من التعايش الاستحواذي، والاهتمام المستنزف طاقيا في تعاملاتك مع الآخرين.يتسابق هؤلاء الأشخاص بلا وعي في الانغماس بمتطلبات من حولهم، لكنهم يرفضون تحمل مسئولية الالتفات لحياتهم الشخصية، فهم منشغلون في التنقل بين نشاط وآخر للدعم والمساعدة، ويعطون كل ما لديهم حتى يصيبهم الإرهاق ولا يعد لديهم ما يمنحونه لأنفسهم، وبالرغم من امتلاكهم التبصر الواضح تجاه احتياجات المحيطين بهم، لكنهم يفتقدون ذلك الحس الواعي حيال ذواتهم، فأكثرهم يعاني من ضبابية تبصر احتياجاته، فلقد اهتموا بمن حولهم لدرجة أنهم نسوا الاعتناء بأنفسهم.إنه لمن الطبيعي أن نود حماية الذين نهتم بهم وأن نتأثر بهم، لكن الوضع مع هؤلاء الأشخاص بأنهم اختاروا أسلوبا مرهقا لسير حياتهم بطريقة مرضية كرد فعل لمتاعب الآخرين من حولهم، بحيث أصبحوا غير قادرين على السيطرة على معيشتهم لتعمقهم في مشاكل غيرهم، وقضاء معظم أوقاتهم قلقين على شئون من حولهم، ومن الصعب إقناعهم بضرورة الالتفات للعناية بأنفسهم.إن الملمح المشترك بين أصحاب هذا النمط هو أن الشخص من هؤلاء يسمح لسلوكيات الآخرين بالسيطرة على أسلوب حياته، ويصبح شغوفا بمحاولة التحكم في سلوكيات من حوله، وكثيرا ما يحاول مساعدتهم بطرق غير مفيدة لنموهم، ويجعل الآخرين يَرَوْن الأمور من خلال منظاره، ويتحامل على نفسه في قول «نعم» تجنبا لجرح مشاعرهم. يعتقد البعض أن هذه السلوكيات مرغوبة للتعايش مع الظروف الصعبة بأفضل الطرق، وهم بذلك يمارسون الأشياء الخاطئة لأسباب صحيحة، فهم يعتقدون بأنهم مسؤولون عن احتياجات الآخرين، لدرجة تشعرهم بالذنب والتوتر حين معاناة البعض من مشكلة، وبأنهم مجبرون على المساعدة، مما يؤدي لغضبهم وحزنهم حين يجدون أنهم يقضون وقتهم في المنح ولا أحد يحاول أن يمنحهم، مما يؤدي لإحساسهم بعدم التقدير وأنهم ضحايا الاستغلال.إذا وجدت نفسك واقعا في شراك الانغماس المرضي في شؤون من حولك، والتعاطف الوسواسي بشكل يفوق اهتمامك بأمورك، فمن الأفضل ان تتعلم كيف تنفعل بطريقة صحية وترشد استجاباتك مع من حولك.