فهد السلمان

ما يراه النائم

جرني خبر مشروع سكة الحديد المزمع إقامتها ما بين الدمام وجدة مرورًا بالرياض، ومدن أخرى، جرني إلى ذلك الحلم التليد، ولا بأس من الحلم، لأن أعظم منجزات البشرية انطلقتْ في الأساس من الأحلام حتى توفرت لها الإرادة والمثابرة لتتحول بالنتيجة إلى حقائق مذهلة. يتذكر الناس، وأنا أحدهم أنه جرى الحديث في عهد الملك فيصل عن فكرة قناة مائية تربط ما بين الخليج والبحر الأحمر، كان حديثًا يشبه الحلم، وكانت مبرراته الأساسية تقوم على مخاطر تحكم إيران بمضيق هرمز، وأثر ذلك على صناعة البترول، ثم تكرر الحديث ذاته إبّان الحرب العراقية الإيرانية، والتهديدات المتواصلة من طهران بإغلاق المضيق أمام الملاحة الدولية. اليوم اليابان تفكر في بناء أطول وأضخم ناطحة نجوم ( X Seed Tower 4000 )، بعرض 600 متر، وارتفاع 4000 متر، لإنجازها قبل حلول عام 2040 م، ستقولون: ولكن هذا كوكب اليابان؟، وهنا أقول: إن دبي هي الأخرى تفكر بناطحة نجوم، لذلك يظل مشروع القناة، والربط بين الخليج والبحر الأحمر حلمًا خرافيًا واستراتيجيًا، وأعتقد أنه لو انتابتنا موجة من جنون الأحلام، وفكرنا جديًّا بهكذا مشروع، فإنه سيكون من شأنه تبديل سحنة بلادنا تمامًا، وتغيير جلدها الصحراوي، واستغنائنا عن مضيق هرمز إلى الأبد، إلى جانب بناء عدد من محطات التحلية التي تعمل بالطاقة الشمسية على ضفاف هذه القناة في قلب الصحراء، لضرب تهديدات العطش، وهي أكبر مهددات وجودنا على هذه الأرض، مع استقدام التقنيات الصينية في زراعة الأرز بالمياه المالحة لإنتاج غذائنا الرئيسي، وهنالك عدة تجارب محلية ناجحة، أقول: لو فكرنا هكذا، فإني لن أشك بأن ثلاثين مليون مواطن سعودي، لن يترددوا البتة في التطوع بالحفر بأظافرهم وأسنانهم إن لزم الأمر، لترويض المستحيل، وإنجاز هذا المشروع الحلم الذي يؤسس لمستقبلنا بعيدًا عن ثروات النضوب. اعتبروه مجرد حلم فيما يراه النائم إن لم تستسيغوه، أو استدعوه من المنام إلى اليقظة.