محمد العصيمي

ما زالوا يعبثون!!

الذين ما زالوا يعبثون هم أولئك الذين يجيرون كل شيء للعلمانية والليبرالية والفسق والفجور وعظائم الأمور. أولئك الذين في كل شاردة وواردة يحاولون أن يشوهوا الانفتاح الطبيعي على الحياة والعصرنة، وما يفرضه الواقع من متغيرات لا تضر بالدين ولا تخرج المجتمع من عاداته وتقاليده الحميدة.وحين أقول المجتمع فإنني أقصد كل مجتمع في هذا العالم وليس مجتمعنا السعودي فقط، كما يحلو للبعض أحيانا أن يصور أو يتخيل بأنه إذا قيل مجتمع فإن المصطلح ينطبق علينا فقط لخصوصيتنا وعلو شأننا بين المجتمعات، التي ينظر لها بعض الأشخاص بتلك النظرة الدونية التي تقلل من شأنها، أو تلغي اعتبارات انطباق معايير المجتمع المعروفة عليها. كل مجتمع، وليس مجتمعنا فقط، لديه عادات وتقاليد وموروثات يعتز بها، لكن هذه العادات وهذا الاعتزاز لم يمنعه من أن يراجع موروثه برمته ويبقي على ما يفيده منه، بينما تعامل مع كل ما هو معوق أو مثبط من هذا الموروث بالطريقة الصحيحة التي تحفظ وتضمن له وجوده القوي في عالم جديد تسوده مجموعة من اشتراطات التطور التي بدونها سيظل يرفس في أغلال الماضي وسجونه الضيقة.لا يمكن أن يبقى مجتمع، أيضا أي مجتمع، أسيرًا للماضي ومياهه الراكدة منذ آلاف أو مئات السنين وإلا أصبح مجتمعًا هشًا ومهددًا بالاندثار. ولذلك كان الرواد، عبر التاريخ، هم الذين يشقون طرقًا جديدة وغير متوقعة لحياة الناس. ومن الطبيعي أن تمثل اهتزازات شق هذه الطرق صدمات لمحبي الركود الذين دفنوا أنفسهم في سراديب التاريخ. ومن الطبيعي كذلك أن يتعرض الرواد لكل التهم والشتائم، بل والقتل أحيانا على ما يمكن أن نسميه الهوية الفكرية.لكن، وهذه هي سنة الحياة وليست سنن العلمانية أو الليبرالية، الحركة مستمرة والتغيير يفرض نفسه، إلى درجة أن الساكنين في تلك السراديب يصبحون مع مرور الزمن أمام خيارين: إما الاندثار أو الانضمام لقوافل التغيير والتطور والمستقبل.