د. ابراهيم العثيمين

نحو إستراتيجية دولية لمواجهة إرهاب حزب الله

بعد النجاحات المتتالية التي حققها التحالف الدولي بالقضاء على تنظيم داعش الارهابي سواء في العراق او تتبعه في سوريا، حان الوقت لتبني استراتيجية دولية لمواجهة ارهاب حزب الله الذي تأكد دوره في إثارة الفوضى والعنف والتحريض الطائفي في انتهاك صريح وواضح لسيادة وأمن واستقرار دول المنطقة وبتحريض مباشر من إيران. وقد حاولت وضع ملامح لاستراتيجية يمكن ان تضمن انتصارا حاسما على حزب الله والتي ترتكز على أربعة أعمدة رئيسية:أولا: الردع عن طريق الدول المضيفة: والتي تهدف إلى ممارسة الضغط على التنظيم (حزب الله) من قبل الدولة المضيفة له والتأثير عليه. وهذا ما حصل في بداية السبعينيات لما خرجت الحركات السياسية الفلسطينية في الاردن عن اطار الدولة بشكل يهدد الحكم في الأردن، استطاع النظام ان يضع نهاية لوجود المنظمات الفلسطينية في الأردن لما كان يعرف بأحداث شهر أيلول من عام 1970. ورغم أن هذه المنظمات كانت مرتبطة ارتباطا عضويا بالرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر مما اعطاها قوة دافعة داخل الاردن الا ان قوة الدولة (الدولة المضيفة) في الاردن استطاعت اجلاء جميع الفصائل الفلسطينية من الأردن إلى لبنان وإعادة الثقة للدولة. أما إذا كانت الدولة هشة ومختلة وظيفيا كما هو الحال للأسف في لبنان فمصير هذا الردع إلى الفشل الا اذا تمت تقوية الدولة المضيفة والتعاون معها كما تم بالنسبة للحالة في العراق. فقد كانت القوات العراقية تقاتل تنظيم داعش بدعم مباشر من قبل التحالف الدولي وتم القضاء على تنظيم داعش في سنة (17 أكتوبر 2016 - 21 نوفمبر 2017)، وبالتالي فالأمر ليس مستحيلا. ثانيا: الردع عن طريق الشعب: والذي يهدف إلى عزل حزب الله عن الحاضنة الشعبية التي يتمتع بها، والتي مثلت أحد عوامل القوة للميليشيا خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال المحاصرة المالية وبالتالي شل الخدمات الاجتماعية والصحية للحزب والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا، والتي ساهمت في جعله جزءا لا يتجزأ من المجتمع اللبناني، او بالاستمرار بتصنيف الحزب دوليا كمنظمة إرهابية وبالتالي سيعامل أفراد الحزب او المتعاطفون معه كإرهابيين، مما قد يشكل ضغطا قويا على الحزب ويخسر مع الوقت الدعم الشعبي الواسع داخل المجتمع الشيعي في لبنان. ثالثا: التدخل العسكري المباشر: من خلال وضع مليشيات حزب الله سواء في سوريا أو العراق ضمن الأهداف العسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره منظمة إرهابية. وفي حال بدأ التحالف الإسلامي عملياته العسكرية ضد المجموعات الإرهابية، فيجب وضع ميليشيات حزب الله ضمن أهدافه باعتبارها منظمة إرهابية لا تختلف عن تنظيم داعش الإرهابي أو القاعدة أو حتى تنظيم النصرة وبقية التنظيمات الإرهابية في المنطقة.رابعا: الردع عبر دول راعية: وهو الردع عبر دولة راعية كإيران في حالة حزب الله. وكما ذكرت في مقال سابق «كيف تمول إيران حزب الله؟» «إن إيران تعتبر الداعم الأساسي لحزب الله منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات ماليا ولوجستيا وسياسيا». ولضمان نجاح هذه الإستراتيجية، يتعين التركيز على تهديد المصالح المباشرة للدولة الراعية ومنعها من الاستمرار في دعم حزب الله او الجماعات الارهابية الاخرى وتحويلها إلى وكلاء تحارب بالنيابة عنها. وأخيرا أصبحت المواجهة مع حزب الله حتمية، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل التهديد الذي يمثله هذا الحزب على أمنهم واستقرارهم. فلا بد من عمل دولي يسعى الى ازالة سلاح الحزب وعودة لبنان الى حضنها العربي قوية والنهوض بمؤسساتها الشرعية وتمكينها من بسط سيطرتها على كامل اراضيها، وان لا تكون مرتهنة بيد مليشيا تعمل على تنفيذ الأجندة الإيرانية الهادفة إلى زعزعة استقرار المنطقة لتحقيق مصالحها.