د. ابراهيم العثيمين

كيف تمول إيران حزب الله؟

يعتبر حزب الله الابن البار للثورة الايرانية الذي اشرف على ولادته سفراء ايران في سوريا «علي محتشمي» و«محمد حسن أختري» في محاولة منهم لتصدير الثورة. وقد اكد محمد حسن أختري ذلك بنفسه عندما قال إن «حزب الله وحماس والجهاد أبناء شرعيون للثورة الإيرانية». ومنذ تأسيسه في مطلع الثمانينات كان الدعم المالي الاساسي يأتي من ايران وان كان الحزب فيما بعد حاول ان يعتمد على وسائل تمويل اخرى كغسيل الاموال والمخدرات، لكن ظل الدعم الايراني هو العمود الفقري لعملياته ونشاطاته سواء الداخلية او الخارجية. ففي عام 2002 كان الديبلوماسيون الغرب والمحللون اللبنانيون قد قدروا الدعم الإيراني لحزب الله بـ 60-100 مليون دولار سنويا، أي ما بين 5-10 ملايين دولار شهريا، بينما تصل بعض التقديرات إلى 200 مليون دولار سنويا. ثم ارتفع الدعم نتيجة لحرب 2006 فبلغ 200-300 مليون دولار سنويا لينفق جزءا منها في إعادة الإعمار. في يناير عام 2008م، صرح مدير مشروع مستقبل الإرهاب والزميل بمؤسسة الدفاع عن الديمواقراطيات بواشنطن دي سي الأستاذ وليد فارس أن الدعم الإيراني لحزب الله ارتفع في عام 2008 من 400 مليون دولار إلى 1 مليار دولار. ويستطرد وليد فارس قائلا: إن «هذه القفزة سوف تمكن التنظيم من القضاء على أي معارض في الداخل اللبناني والانخراط في عمليات تستهدف الديموقراطيات الغربية والمعتدلين العرب حول العالم». وبين العام 2012 و2016 بسبب تداعيات الازمة السورية وانخراط حزب الله فيها والمفاوضات في الملف النووي الايراني كان التمويل الايراني يصل إلى ٨٠٠ مليون دولار بحسب كثير من التقارير.تسلك طهران في نقل الدعم المالي إلى حزب الله عدة طرق، أحدها عبر المسؤولين الماليين بفيلق القدس التابعين للحرس الثوري الإيراني. فوفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، قام هوشانج الله داد المسؤول المالي بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني شخصيا بغض الطرف عن توزيع التمويل إلى حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. كما قام محمد رضا زاهدي قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بلبنان بلعب دور هام في تمويل إيران لحزب الله حيث كان وسيطا بين الحزب والمخابرات السورية وورد أنه اتهم بتأمين شحنات الأسلحة والمال إلى حزب الله. الطريق الثاني عبر المؤسسات الخيرية الايرانية في لبنان، فوفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن إيران اتخذت من لجنة إعادة إعمار لبنان وسيلة أخرى لنقل الدعم المالي إلى حزب الله، حيث أنشئت هذه اللجنة من قبل إيران بعد حرب عام 2006 كأهم قناة للدعم الإيراني في إعادة بناء حزب الله بعد الحرب. تقول وزارة الخزانة الأمريكية: إن لجنة إعادة إعمار لبنان قدمت تمويلا للبنية التحتية لحزب الله وشبكة الاتصالات وصناعة الأسلحة. وقد كان يرأس هذه اللجنة حسام خوشنيويس الممثل الشخصي للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في لبنان، والذي عين من قبل وزارة الخزانة الايرانية لتقديم الدعم الفني في الجهود المبذولة لإعادة بناء حزب الله بلبنان ولتوسيع شبكة اتصالات الحزب الإرهابي الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، وظفت إيران فرع مؤسسة الخميني للإغاثة بلبنان الذي افتتحته في الثمانينيات كوسيلة أخرى لنقل الدعم المالي إلى الحزب. وهذا الفرع الذي يدار من قبل الحزب كان يدر ملايين الدولارات وهو المسؤول الرئيسي عن تشغيل معسكرات تدريب شباب حزب الله. وقد أقر أمين عام الحزب حسن نصرالله علنا كون فرع مؤسسة الخميني للإغاثة بلبنان واحدا من المؤسسات المرتبطة في تمويلها بإيران والعاملة بشكل علني، كما صرح علي زريق مدير فرع مؤسسة الخميني للإغاثة بلبنان بشكل علني أن المجموعة تعمل تحت وصاية حزب الله. وأخيرا قضية تمويل إيران لحزب الله معقدة لكنها اساسية الا انني اعتقد ان استراتيجية ترامب ضد ايران سوف تجعل قضية تمويل حزب الله جزءا أساسيا لمواجهة نفوذ إيران المتنامي بالمنطقة، من خلال تشديد القيود على مصادر التمويل للحزب، وهذا ما شاهدناه في الفترة الاخيرة، مما سوف ينعكس بلا شك على ميزانية الحزب ووضعه الإقليمي في الفترة القادمة.