د. شلاش الضبعان

محاسبة صاحب كل مقطع يُنشر

مقطع فيديو بالصوت والصورة يتحدث عن علاج مجرّب يشفي من مرض مستعص، هل لهذا العلاج آثار جانبية؟ لا أحد يعلم. أين شركات الأدوية عن هذا العلاج؟ أيضاً لا أحد يعلم.مقاطع فيديو أخرى بالصوت والصورة أيضاً، تتحدث عن خديعة كبرى نتعرض لها، ففي أسواقنا منتجات مغشوشة، أو لا تستحق القيمة التي تدفع لها، أو تسبب السرطان والأمراض الخطيرة، مما يعني أننا جميعاً ضُحك علينا، ولم يتنبّه إلا صاحب هذا المقطع الألمعي.أما ما يتحدث عن حالات إنسانية تنقل جزءاً من الحقيقة، فهذا الحديث عنه يطول، ولكن نيتهم خير، ويريدون التوعية أو على الأقل مجرد البحث عن السبق، فلماذا تشددون عليهم؟ نشدد عليهم ونحذّر منهم لأن ما يقوم به هؤلاء، في حال عدم صدق مقاطعهم، استغفال لمجتمع بأكمله، سواء أكان صاحب المقطع قاصداً أم غير قاصد، وكلاهما بين المصيبة والمصيبة الأعظم.أيضاً فيه نزع للثقة بجهات تعمل وتجد وتجتهد فتخطئ، وإذا اختلت الثقة بين المواطن وجهاته المسؤولة، فهذا دماره على الوطن بأكمله. أيضاً فيه تشويه للصدق، فما انتشر الكذب إلا كان ذلك على حساب الصدق والصادقين، وأصبح الكثير يتحفظ على نشر الصدق لأن الأصل أصبح الكذب في مواقع التواصل.بالإضافة إلى أن هذه الخطة الممنهجة في نشر هذه المقاطع عبث بالذائقة النقدية التي تميّز المجتمعات الحيّة، فما يحدث الآن يحوّل الناس إلى مجرد أدوات للتمرير والمصيبة أنهم يبحثون عن الأجر، تحت شعار «انشر تؤجر».ولذلك كله أتمنى أن تتم متابعة هذه المقاطع من الجهات ذات العلاقة، سواء أكانت وزارة الداخلية أم الصحة أم العمل، والتأكد من صحتها، فإن كانت صحيحة حوسبوا على النشر قبل إيصالها للجهات المعنية، أو حوسبت الجهات التي لم تستفد من هذه المعلومات الخطيرة، وإن كانت غير ذلك حوسبوا أيضاً لكن بعقوبات أشد.أتمنى أيضاً ألا نساهم في تسويق ما يطرحون، ففي الحديث الصحيح يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع»، يعني باختصار: من ينشر للكذاب كذاب.