د. ابراهيم العثيمين

التحالف الإسلامي.. رسالة قوية جدا للتعاون ضد الإرهاب

بعد نحو عامين على تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب بمبادرة من السعودية في مسعى لتوحيد جهود الدول الإسلامية في مواجهة الإرهاب، عقد أول اجتماعاته تحت شعار «متحالفون ضد الإرهاب» الذي استضافته الرياض يوم الاحد الماضي (26 نوفمبر 2017). كانت كلمة ولي العهد الامير محمد بن سلمان أمام الاجتماع واضحة وشاملة تعتمد على خطاب الحقائق لا خطاب الشعارات، والذي أكد فيها أن أكثر من 40 دولة ترسل إشارة قوية جدا للتعاون ضد الإرهاب. وأضاف: إن «أكبر خطر عمله الإرهاب المتطرف هو تشويه سمعة ديننا الحنيف وتشويه عقيدتنا».، وقال: «لن نسمح بتشويه دينيا وترويع المدنيين في الدول الإسلامية» بعد اليوم. ما يمكن التقاطه من البيان الختامي للاجتماع هو تأكيد الوزراء عزمهم على تنسيق الجهود الرامية للتصدي للإرهاب من خلال العمل الجماعي المنظم، لوضع حد لمن يؤجج التطرف والطائفية. كذلك إقرارهم بشكل واضح ومحدد الآليات لمواجهة الإرهاب على كافة المستويات الفكرية والاعلامية والمالية والعسكرية.اولا: المستوى الفكري، «فضح أفكار التطرف ومناهجه والحد من انتشاره وتأثيره على الأفراد والمجتمعات، مع إبراز قيم الإسلام المعتدل وقدرته على التعايش مع الآخر». ومن تلك المفاهيم المغلوطة التي يجب ان تعالج بشكل عاجل هي مسألة إقامة الخلافة الاسلامية بشكلها اليوتوبي والعمل على تعزيز الهوية القومية والانتماء للوطن. كذلك ما يسمى بنبوءات آخر الزمان والتي تعتمد عليها التنظيمات الارهابية لإضفاء الشرعية على عملياتها، وقد كتبت عنها مقالة سابقة بعنوان «التحالف الإسلامي وإيقاف بروفات قيام الساعة المصطنعة». فالجانب الفكري والتصدي له جزء أصيل في معركتنا مع الارهاب.ثانيا: المجال الإعلامي، «استخدام وسائل الإعلام في مواجهة الدعاية الإرهابية وإيضاح شناعة أفعالها، وكشف أساليب الإرهابيين في الترويج وفضح معتقداتهم وتعرية تصوراتهم». فالإعلام وخاصة وسائل الاعلام الحديث تعتبر احد اهم ادوات التنظيمات الارهابية وخاصة تنظيم داعش في الترويج لأفكاره وتجنيد الشباب في صفوفه. فإن 80 % من مخزون تنظيم داعش المعلوماتي يعتمد في الأساس على مواقع إلكترونية متاحة للجميع، دون خرق لأي قوانين أو بروتوكولات الشبكة. كما أن التنظيم يملك أكثر من 90 ألف صفحة على موقعي (فيسبوك وتويتر) باللغة العربية، و40 ألفاً بلغات أخرى. فبالتالي نحن نتكلم عن إحدى الادوات القوية للتنظيم التي يستغلها في ترويج افكاره وجذب وتجنيد الشباب (المراهق) للانضمام إليه.ثالثا: محاربة تمويل الإرهاب، «العمل على تجفيف منابع تمويل الإرهابيين مع زيادة التنسيق وتبادل المعلومات والبيانات بين الدول في هذا المجال، وتطوير النظم والإجراءات الخاصة بحرمان الإرهاب من أي مصادر مالية». فالتنظيمات الارهابية وخاصة داعش اصبحت لديها استراتيجية رئيسة منذ قيامها وهي ان المال قبل القتال، وبالتالي بعد الفوضى وعدم الاستقرار الذي جرى في سوريا والعراق وليبيا وباقي دول الربيع سعت هذه التنظيمات جاهدة الى السيطرة على منابع النفط او البنوك المركزية. فأصبحت هذه المصادر هي إحدى الوسائل الأساسية لهذه التنظيمات كي تمول ذاتيا وتكون قادرة على توسيع نطاق عملياته دون الاعتماد على اي تمويل خارجي.رابعا: التنسيق العسكري ضد الإرهابيين، «أهمية المواجهة العسكرية للإرهاب في حفظ السلم والأمن إقليميا ودوليا. والالتزام بتأمين القدرات العسكرية والموارد اللازمة لإضعاف التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها». التنسيق العسكري أمر مهم فهو سوف يقلل من جاذبيتها الأيديولوجية ومن شرعيتها. فلا يمكن لدولة صغيرة هشة، وفاشلة ومنبوذة عالميًا أن تكون خلافة مقنعة للشباب.وبالتالي أعتقد أن العمل ضمن هذه المجالات الأربعة الفكري، والإعلامي، ومحاربة تمويل الإرهاب، والعسكري وتنسيق الدول فيما بينها في هذه المجالات سوف يؤدي بلا شك الى انحسار وتراجع كبير وضعف في جاذبية هذه التنظيمات وقدرتها على التجنيد.