محمد السماعيل

نظريات المؤامرة في البلاد المتقدمة

العاجز عن التخطيط يبحث عن شماعة ليعلق عليها فشله، وليس أسهل لهذه المهمة السلبية -كشماعة- سوى «نظرية المؤامرة»؛ لأنها تريح الدماغ وتقدم تفسيرات بسيطة لقضايا معقدة، والتعلق بنظرية المؤامرة ليست حكرا على الشعوب الشرقية، بل يخطئ من يقول إنها حكر عليهم، لأنها -في الواقع- تلقى أنصارا في البلاد المتقدمة، بل إن بعض الأدبيات الغربية -إلى اليوم- تربط بعض الأحداث بالمؤامرة، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: مقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وحتى إن البعض في الغرب يرى أن الصعود إلى القمر (كذبة).كل هذا يخرج بين الحين والآخر على السطح في المجتمعات الغربية، وسأتناول ذلك هنا، حتى لا نتهم الشرقيين بأنهم أكثر من غيرهم تأثرا بنظرية المؤامرة، ففي الغرب يناقشون عملية اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي التي حدثت في 1963م على أنها مؤامرة مدبرة، ومنهم من شك بأن وراءها نائب الرئيس آنذاك لندون جونسون بالتعاون مع جورج بوش الأب الذي كان يعمل في الاستخبارات الأمريكية قبل توليه الرئاسة، وآخرون شككوا أن الفاعل هو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وغيرهم اتهم عصابات المافيا، وآخرون اتهموا الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وغيرهم قالوا إنها المخابرات السوفيتية «كي جي بي». وقد أجريت عدة استطلاعات للرأي؛ من أجل التحري عن هذه الشكوك، وطبقا لاستطلاع أجرته إحدى وكالات الأنباء الشهيرة، فإن 70 في المائة من الأمريكيين يعتقدون بأن وفاة كينيدي كانت نتيجة مؤامرة، حتى إن اللجان الرسمية التي كلفت بالتحقيق في الحادثة كانت نتائجها متضاربة، فإحداها تقول إن القاتل المدعو لي هارفي كان الشخص الوحيد المسؤول عن اغتيال الرئيس كينيدي، بينما لجنة أخرى خلصت إلى أن هناك شخصا آخر شارك معه، وما زاد الطين بله وأكد شكوك الناس هو أن المتهم الوحيد اغتيل بعد يومين من اغتيال الرئيس كينيدي، رغم أنه كان في قبضة الشرطة. والجدل الآخر هناك حول نظرية المؤامرة تجده عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فحوالي 42% من الأمريكيين يرون أن الحكومة واللجان التي شكلت لتقصي الحقائق أخفقت؛ لأنها رفضت التحقيق في الأدلة الهامة التي تتناقض مع تفسيرهم الرسمي للهجمات، ويشكك بعضهم قائلا: لماذا فشلت أقوى قوة جوية في العالم باعتراض أي من الطائرات الأربع المختطفة؟ والذي أثار الشكوك أكثر هو بحسب ما ورد في موقع «بي بي سي» الشهير، أن هناك تدريبا روتينيا لقيادة الدفاع الجوي الأمريكي كان قائما في نفس يوم الهجوم أي في 11/‏ 9. وتساءل الأمريكيون: لماذا انهار البرجان (التوأم) المستهدفان تماما في دقائق فقط؟ ولماذا أهمل أمر الاختطاف لحوالي 78 دقيقة حتى تمكنت إحدى الطائرات من الاصطدام في أقوى مقر عسكري في العالم دون أن يترك أثرا يذكر؟. كما أن هناك جدلا آخر حول نظرية المؤامرة وهبوط رائد الفضاء الأمريكي (يل آرمسترونغ على سطح القمر، حيث يرى البعض أن العلم الأمريكي لا يمكن أن يرفرف على سطح القمر؛ لعدم وجود هواء يحركه، بينما العلم الأمريكي «رفرف» أمام الملايين، ويرى بعض الأمريكيين أن العملية كلها مفبركة وجرت في هوليوود.