لمى الغلاييني

لا تخش من رحيل البعض

ما مدى تطابق العبارات التالية مع تصرفاتك اليومية؟ • أنسحب من النقاش فورا عندما يغضب شخص ما أمامي.• أقوم بتأجيل العديد من اللقاءات الهامة لتجنب المواجهة.• مستعد للاعتذار للشخص الآخر بهدف إنهاء الشجار دون أن أكون المذنب.• أفضل كبت مشاعري المنزعجة تجنبا للتشاجر مع الآخر.• ألوم نفسي دوما على عدم شجاعتها في توضيح موقفها. إذا وجدت نفسك قريبا جدا من الإجابة بنعم على تلك العبارات، فربما تعاني بعض الشيء من هلع المواجهة، لكنك لا بد أن تعلم أن كبت مشاعرك وتجنبك الدائم لحسم الأمور قد يؤثران على صحتك الجسدية والعاطفية، وجودة علاقاتك، فالمكاسب قصيرة المدى التي يحققها هذا الأسلوب أقل أهمية من خسائر التوكيد الإيجابي للرأي، ومهارات إدارة الصراعات، التي ستجعل علاقاتك أسعد، ونفسيتك أقل توترا. يشبه الأمر ذلك الشخص الذي لم يتعلم السباحة لخوفه الشديد من الماء، ويتجنب أي موقف يحتمل أن يكون فيه قريبا من الماء، ولو حدث يوما وتعرض لتجربة سقوط مفاجئ في بركة ماء عميقة، فستصيبه حالة من الهلع المرضي والرعب المؤدي منطقيا لحدوث الغرق، ولكن قراره الشجاع بالتدرب على العوم في بحيرة ضحلة بصحبة شخص ماهر سيمنحه فرصة لتطوير مهاراته في السباحة وتقليل فرص الغرق، ومع تكرار تجارب التعرض الآمن للماء سيختفي الخوف كثيرا. وبالمثل، فتكرار التعرض الواعي للتجارب التي تخافها قد يزيل القلق الذي تشعر به، وإن انتهاج إرضاء الناس كسياسة للتجنب يعتبر حلا مؤقتا على المدى القصير لكنه يزيد الأمر سوءا بعد فترة، فالمشاعر المكبوتة تبدو أكثر تهديدا وإنذارا بالتوتر عندما نواصل إخفاءها خلف ستائر إرضاء الآخرين، وعندما نتجرأ وننزع ستائر الخوف سنجد وراءها قزما صغيرا يشبه ذلك الموجود في إحدى حكايات الأطفال، حيث ظلت معظم الشخصيات خائفة طوال القصة من جبروت الساحر الغامض، وعندما أجمعوا في النهاية على التخلص من خوفهم ونزع الستائر، كانت المفاجأة أن كل ذلك كان مصدره كائنا صغيرا هزيلا يبعث في الأجواء رعبا وهميا عن طريق تضليلهم بالدخان والضوضاء.المصابون بداء إرضاء الآخرين مهيئون لحمل اللوم على عاتقهم عندما تحدث أي مشكلة، ويجدون الحل في تجنب المواجهات والحوارات المباشرة، لكنه من المهم أن تعلم أنه ليس من مسؤولياتك أن تضمن عدم غضب الآخرين بتاتا، فامنح نفسك جرعة أكبر من شجاعة أدب التعبير، وأطلق نواياك بالتحرر من هلع المواجهة، ولا تخش من رحيل البعض، فمع كل نية جديدة سيختفي آخرون ليأتي الأنسب منهم.