محمد البكر

الحياة أخذ وعطاء.. إلا عند العرب

كلنا يسمع بالقول العربي الشهير «الحياة أخذ وعطاء»، والعقلاء من الناس، مقتنعون بذلك، والكرماء منهم، يرون فيه قاعدة يسيرون عليها تقديراً لكرم المعطي، وحفاظاً على كرامة مَنْ أخذ. لكن في وطننا العربي، هناك مَنْ يعتقد أن ما كان يحصل عليه من كرم، هو حق من حقوقه، لا يمكن إيقافه. هذا هو حالنا مع بعض العرب، فمع أننا لم نطلب في يوم من الأيام، مقابلاً لما نعطي، أو رداً لجميل عملناه، إلا أننا لم نسلم من حقدهم، ولم ينج وطننا ولا قادتنا ولا شعبنا، من هجومهم ومن إساءاتهم وتجاوزاتهم، في كل قضايانا الصغيرة منها والكبيرة.حنكة وشهامة قادتنا، النابعة من عروبتهم الأصيلة، فهمها الأغبياء بطريقة معكوسة، وفسروها على أنها رهبة أو خنوع لابتزاز. متناسين أن هذه القيادة تسامح لكنها لا تنسى، وتصبر لكنها لا تضيع حقوق وطنها وشعبها، وتصمت رغم كل ما تملكه من حقائق وأدلة وبراهين، احتراماً لأشقائها وتقديراً لعروبتها. تفعل ذلك، وهي تعلم علم اليقين أن من بين العرب مَنْ هم ضالعون في وحل الانحطاط الأخلاقي، والمتمرسون في بذاءة النكران والجحود، التي مارسوها منذ عقود. اليوم ليس كالأمس، ومملكتنا الحديثة، الشامخة، تريد مكافأة مَنْ يقف معها، ويساند قضاياها. تريد معاقبة مَنْ يجحد فضلها ويسيء لها. وإذا كان هناك مَنْ لم يفق من غيبوبته بعد، ولم يستوعب الدرس جيداً، بأن الابتزاز الذي كانوا يمارسونه ويجيدونه، لم يعد له مكان في زمن هذه القيادة الصلبة والحاسمة، فهذه مشكلته وقضيته وليست مشكلتنا أو قضيتنا.نصيحتي لمَنْ يتمنون عودة أيام العطاء والكرم، أن يفهموا أن مملكة اليوم، لا تقبل بحكومات ذات وجهين، أحدهما جميل خلف الأبواب، والآخر قبيح في المواقف والقرارات. ولكم تحياتي.