عبد اللطيف الملحم

الفساد.. لا خيار إلا القضاء عليه

الكثير كتب والكثير سيكتب عن الفساد، وخاصة الفساد الإداري والمالي. والكل يعلم بمدى خطورة الفساد على أي تطور لأي مجتمع، وخطر أكبر على أي برنامج تنموي في أي بلد. والفساد بأنواعه هو أكثر ما يتحدث عنه عامة الناس في كل مجلس. وبصحيح العبارة فالفساد هو أمر لا يوجد خيار سوى القضاء عليه أو على الأقل التقليل منه؛ لأن القضاء على الفساد بصورة كاملة أمر شبه مستحيل. وأكبر معضلة تواجه مجابهة الفساد هي كيفية المواجهة وتوقيتها وبالطبع الشفافية في أسلوب معالجة هذه الآفة، التي عادة تكون غير مرئية وأحيانا كثيرة من الصعب تتبعها وتتبع من يستغل الثغرات القانونية أو المحسوبية أو بالطبع سوء الإدارة. وهناك أنواع كثيرة من الفساد، ولكن التعدي على المال العام هو أخطرها؛ لأنه -وعلى المدى الطويل- يقلص نسبة الطبقة المتوسطة التي هي عماد الاقتصاد. وبهذا يزيد معدل الفقر ويجعل جزءا من الثروة المادية في يد عدد قليل من المجتمع. ومع زيادة معدل الفقر تتوالى الظروف الأخرى المؤثرة على المجتمع. وفي السنوات القليلة الماضية، قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد، وأيضا تم فتح حساب إبراء ذمة، وذلك في خطوة محسوبة لكي يعلم الجميع أنه جاء الوقت لإيقاف الفساد المالي. ولكن اتضح أن هذا لا يكفي للردع، وهناك أمور يجب أن يتم التعامل معها بقوة وصراحة؛ لكي يعرف كل مسؤول عن المال العام أن هناك من سيحاسبه. وبالفعل رأينا وسمعنا عن أسماء مشتبه بها ممن لامست المال العام بطرق ملتوية ومنهم من استغل منصبه في الوصول إلى أهداف دنيوية، ولكن مردودها خطير على المجتمع. والمهم في الأمر هو ليس الماضي، ولكن ماذا تعني محاربة الفساد مستقبلا وماذا يريد المجتمع؟حاليا.. المجتمع بكل شرائحه اقتنع قناعة تامة بأن الدولة تعني كلمة محاربة الفساد ومساءلة كائن من كان. وهذا يكفي كبداية لتجعل كل من تسول له نفسه بأن يحسب ألف حساب عندما تمتد يده للمال العام أو من يقوم باستغلال منصبه؛ لأن الإشارة القوية الصارمة بإمكانها أن تقلل من نسبة الفساد الإداري والمالي بمجرد إطلاقها. وأقوى سلاح لمحاربة الفساد هو اقتناع كل فرد في المجتمع بخطورته -الفساد- على كل الوطن.