عبدالعزيز اليوسف

أمي أنشودتي اليومية

حين تهمس بكلماتها أشعر أن الدنيا تنصت معي لصوتها الحنون، وهذا الشهيق الممزوج بنكهة الاطمئنان، وهذا القلب المفعم بالحب حد الامتلاء، لا احسب التعبيرات تقوى على أن تظهِر الفرح الكامن في بين فواصلها، أعلم أن الحروف سوف تنزوي في أقصى الزوايا لتنصت لدقات القلوب ونبضها بالحب، فتشدو في شجن يستفز الروح في العمق، وحين تمشي أمامي أخشى أن أطأ ظلها، تتراقص حولي نفحات السعادة، فيسكن كل شيء لتتحرك هيَ، وتبقى «أمي» أنشودتي اليومية، وحاجتي للعبادة، ورغبتي في الطاعة الكريمة.البر هو لغة الشاكرين، وصمت الذاكرين، وحديث المطمئنين، وكلام المستقيمين، لا يقبل النقاش ولا يقبل القسمة على اثنين ولا واحد ولا أي رقم، البر يعرف بالبر فقط، هو موقف لا يشبه المواقف حينما تمتزج العبودية به.بر الوالدين، هذه الطاعة التي يتفضل بها الله -عز وجل- على المرء ليغلق له باب اليأس والقنوط عندما يرضي والديه، هذه العبادة التي قضى الله تعالى بأن تقترن بعبادته عز وجل، لو أشغل أحدنا عقله قليلا وليس كثيرا فلعلم أنه هو المحتاج إلى رضا والديه، وهو الفقير إلى عفو ربه.حين سمعت أحدهم يسأل عن حكم التصدق على أمه «وليس زوجته» قلت في نفسي هي كاميرا خفية يمكن، أو أحجية سخيفة، أو حكاية خرافة، فاختلطت كل الأمور في رأسي المثقل بالدهشة، والمنزعج بالاستغراب ككثيرين غيري، لقد استفز هذا السؤال الكل وأولهم من خالطه العقوق، فذلك أمر لم يكن ليقبل، ويفوق كل طاقة لي على الاحتمال.يرهقني ذلك التساؤل، وترهقني تلك الإجابات، وهذه الحالة المؤلمة حين ترى بعضهم يمتدح بره بوالديه وأنه قدم لهما وعمل وفعل وصنع واشترى ليقول «سويت اللي عليك»، وهو يدرك ألاّ منة في ذلك فكله لوالديه والفضل لله ثم لهما، يقتطع مبلغا من راتبه ويهبه لامرأته دون أمه، لا يهاديها ولا يهديها، «كلمتا» «الشايب والعجوز» يرددها دوما ليجعل جلساءه يضحكون عليهما.ختام القول: واقع عابس لدى البعض، وهم كثر، حين ينتشي أحدهم بخدمة بسيطة قدمها لوالديه، ويترنم بها دهرا، وهو يعلم أنه لن يسد برهما لو ذبح عمره. البر، وبالذات بر الوالدين، تركة نبيلة سوف تتوارث متعاقبة، فكما تدين تدان.