كلمة اليوم

المظلومية المزعومة في رحلة الشرق

يحاول أمير قطر من خلال رحلته الآسيوية الأخيرة أن يجدد مراوغاته المعهودة، بأن بلاده ضحية للعزلة المضروبة حولها وأنه راغب في الحوار، وهي ورقة يظن أنها رابحة لتسوية أزمته القائمة مع الدول الداعية لمكافحة الارهاب، ومع معظم دول العالم التي مازالت تشدد الخناق حول الدوحة، كطريقة مثلى لإرغام النظام القطري على التخلي عن دعمه للإرهاب والارهابيين والعودة الى صوابه. ويعيد أمير قطر في ختام تلك الجولة منغومته المهترئة حول استعداده للحوار، وتلك منغومة تمثل في جوهرها أحد أساليب الاستهلاك الإعلامي، فالعالم أضحى يدرك تماما أن الدوحة لا تميل الى الحوار وليس في نيتها الموافقة على أي اتفاق ينهي الأزمة وليس في نيتها احترام سيادة الدول، وقد تعمدت ضمن مواقفها المتصلبة عرقلة الوساطة الكويتية ورفضت شروط الدول الأربع للتسوية. ولا يلوح في الأفق أي بادرة تشير الى نجاح الجولة القطرية الآسيوية لحشد الدعم للنظام القطري، وهو يمارس سياسة المراوغة والألاعيب الازدواجية للافلات من قبضة العزلة الدولية المضروبة حوله، والتي مازالت تكبد الدوحة المزيد من الخسائر الاقتصادية الفادحة. لقد اعترفت الحكومة القطرية بسحبها 20 مليون دولار من استثماراتها في الخارج، وهي مملوكة لصندوقها السيادي لانقاذ اقتصادها الآخذ في الضمور والتهاوي والتدهور بفعل سياسة حكامها الخاطئة والطائشة، ولن تتمكن الدوحة من إنقاذ اقتصادها الذي يعاني من أزمته الخانقة بسحب تلك الاستثمارات، فالمسألة لا تتعلق برتق مؤقت لخسائر مؤقتة، فالأزمة ستطول طالما بقي النظام متشبثا بمواقفه المتعنتة. والطريق الأمثل للخلاص من الأزمات الطاحنة التي يعاني منها النظام القطري الأمرين يكمن في امتثاله للمطالب التي تقدمت بها الدول الأربع، وأهمها التوقف عن تمويل ظاهرة الارهاب بالمال والدعمين السياسي والاعلامي، والتخلي عن ايواء رموز الارهاب بالدوحة، وهم يشكلون خطرا يحدق بدولة قطر ودول مجلس التعاون والدول العربية والاسلامية والصديقة، وهو تمويل لا يبدو أن الدوحة سوف تتوقف عن مزاولته. العالم يقف اليوم موقفا مستغربا من النظام القطري بفعل دعمه لتلك الظاهرة الشريرة، فهي ظاهرة لا تشكل خطرا حقيقيا على دولة قطر أو دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، ولكنها تشكل خطرا على سائر دول العالم دون استثناء، فأخطبوطها مازال يزحف على كل المجتمعات البشرية ليلحق بين سكانها الدمار والخراب والقتل، فلا مكان في هذه الحالة لأي دولة داعمة لتلك الظاهرة الملفوظة من سائر دول العالم. إذا بقي النظام القطري متمسكا بسياسته الحالية إزاء دعمه لتلك الظاهرة، فان الأزمة بينه وبين سائر دول المعمورة سوف تزداد وتتضخم، وسوف تصل الى مراحل لن يتمكن معها النظام من التعايش مع أي دولة.