محمد البكر

المواطن والوطن والتعنصر

أمر مؤلم أن يتحول مواطن عاشت أسرته مئات السنين على هذه الأرض، إلى هدف يهاجمه كل من هب ودب، لمجرد كتابته مقالا لا يتفق مع أمزجة البعض وآرائهم. الكاتب يكتب رأيه ولا يفرضه على القراء، فمن حقهم أن يطرحوا أفكارهم ويردوا على مقاله على أن يكون في إطار ما جاء فيه، ووفق الأهداف التي أوضحها في مقاله. أما أن يمس هذا الكاتب أو غيره في وطنيته وجنسيته وأصله وفصله، فهذا أمر غير مقبول ولا معقول.الوطنيه ليست شعارا، بل علاقة أبدية بين الإنسان ووطنه، ومنح الجنسية أو سحبها، حق من حقوق الدولة، ومن صلاحيات الجهات العليا فيها، وليست لعبة أطفال يلهو بها البعض، فيمنحونها لمن يريدون ويسحبونها ممن لا يريدون.الوطن ملك للجميع، وقيادتنا الحكيمة، ومنذ تأسيس هذه المملكة المباركة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة-، وهي تؤكد هذه الثوابت، بأن الوطن للجميع، لا فرق بين مواطن وآخر، ولا تمييز لمنطقة أو طائفة أو شريحة عن الأخرى.إن من يتجاوز على أي مواطن بسبب ما يعتقده في أصله أو فصله، إنما هو تجاوز على ثوابت المملكة، كما أنه تجاوز لا يمكن التساهل معه، أو تجاهل من يتعمد خلق فتنة بين الناس في المجتمع السعودي المتماسك. أعرف أن العقلاء والمثقفين ورجال العلم والفكر والأدب والطبقات المتعلمة، يرفضون جميعا مثل هذه التجاوزات، بينما تسود ظاهرة القطيع بين الطبقة الجاهلة والمتخلفة والعنصرية والمتعالية على الآخرين. ومع أن هذه الفئة والحمد لله لا تمثل سوى شريحة صغيرة وهامشية من المجتمع، إلا أن السكوت على تجاوزاتهم، سيشجع الآخرين على الانضمام لهم كلما لاحت لهم فرصة للإساءة لكل من يطرح رأيا لا يعجبهم.لقد آن الأوان لتجريم كل من يتعرض للأصل والفصل والمواطنة والجنسية السعودية. ولكم تحياتي.