لمى الغلاييني

حياتنا وقانون الازدواجية

شبه أحدهم تقلبات الحياة بأنها كحمار وحشي، خط أبيض يليه خط أسود ثم يعود الأبيض وهكذا، وقد يترجم التشبيه قانون الازدواجية بذكاء وطرافة. ففي عالمنا هناك بدايتان متعاكستان، يرمز إليهما بالأبيض والأسود، ومهما حاولت فلن تجد بداية ثالثة وستفشل جهودك، حيث تدور كل شؤون الكون حول هذين القطبين، يدعمان بعضهما البعض أحيانا ويتصارعان في أوقات أخرى، يكتسبان القوة في حال اتحادهما بالحب، ويتصارعان بالكره والاختلاف.فهم الازدواجية ودراسة انعكاساتها أمور مهمة للغاية من أجل تطور حياتنا، وفي الشكل الصيني الذي أوجده الصينيون منذ آلاف السنين، الذي يسمونه بالين واليانح يمكننا استيعاب فلسفتها بشكل واضح، فالنقطة السوداء في الحقل الأبيض والنقطة البيضاء في الحقل الأسود، ترمزان لاحتواء كل بداية على نقيضها في داخلها، بمعنى آخر كل ما تراه أمامك يحمل في طياته الخفية نقيضه.لاشك أنك تستخدم الحاسوب يوميا ولكنك ربما لا تعرف آلية عمله، فهذه الآلة التي بإمكانها القيام بجميع العمليات المعقدة التي طورها العلم الحديث تعمل جميع برامجها المساعدة على تفاعل إشارتين فقط هما «الواحد» و«الصفر» أو «نعم» و«لا»، فعمل الحاسوب كله مبني على تعاون وتفاعل المتعاكسات، أي مبدأ الازدواجية. كل شيء في هذا العالم مبني على تفاعل هذه المتناقضات فيما بينها، ويشمل ذلك الإنسان الذي يوجد بداخله كم لا متناهٍ من القوالب الفكرية التي تشبه البرامج المعقدة في الحاسوب، والكم الكبير من الإشارات المختلطة بين الخير والشر، وهذا ما يحفظ توازن النظام الكوني.في داخل الطيبين بذرة شر خامدة، وفي داخل الأشرار بذرة خير خفية، ولا يعني المخفي أنه غير موجود، وعندما نستوعب عمق إدراك معنى الازدواجية في الكون سنتفهم أخطاءنا ونغفر لأنفسنا دون تأنيب، وسنتقبل اختلاف الآخر، وسيساعدنا ذلك في التعامل بوعي مع ما يدور حولنا.