فهد الخالدي

المملكة وروسيا.. علاقات متجددة ومصالح مشتركة

يعود تأسيس المملكة العربية السعودية والاتحاد السوفيتي إلى نفس الحقبة من القرن الماضي حيث كان الاتحاد السوفيتي آنئذ أول دولة تعترف بالمملكة العربية السعودية (عام 1926)، وتم بعد ذلك بأربع سنوات تحويل القنصلية السوفيتية بجدة إلى سفارة. واستمرت العلاقات بين البلدين في عهد الاتحاد الروسي الحالي، وتوالت زيارات مسؤولي البلدين كل إلى الآخر، دليلا على الرغبة في توثيق العلاقات وصولا إلى ما يتم هذه الأيام ممثلا بزيارة أول ملك سعودي لموسكو، في وقت يظهر فيه الطرفان الرغبة في إقامة علاقات تعاون تساهم في تعزيز العلاقات بين الطرفين اللذين يكتسبان مزيدا من الأهمية والتأثير في السياسة الدولية وفي قضايا المنطقة، مما يحتم قيام تعاون مشترك تمتد آثاره لوضع حلول لمشاكل المنطقة وقضاياها، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب. ويظهر حرص البلدين على أقصى درجات التعاون من خلال الأهمية التي تظهرها الصحافة في البلدين وتصريحات المسؤولين عن هذه الزيارة، والموضوعات المطروحة على جدول الأعمال، إضافة إلى مشاركة الفعاليات التجارية والاقتصادية فيهما، علاوة على الموضوعات السياسية، ومن حرص المملكة على الاستفادة من التجارب الروسية، خاصة مجالات النقل البري والسكك الحديدية التي سوف تخصص لها ندوة يشارك فيها وزراء التجارة والطاقة ورؤساء صناديق الاستثمار والغرف التجارية في البلدين، لا سيما أن روسيا من البلدان المتقدمة في هذا المجال، مما يؤمل أن يزيل كثيرا من العوائق التي تحول دون مزيد من التعاون التجاري بين البلدين، وهي عوائق لا شك أن للسياسة دورا هاما في تذليلها. ومما يدفع على الثقة بالنتائج الإيجابية المتوقعة لهذه الزيارة الحفاوة البالغة التي يبديها الجانب الروسي على الصعيدين الرسمي والشعبي إلى الدرجة التي عبر فيها وزير الخارجية الروسي بوصفه الزيارة أنها انعطافة تاريخية يتوقع أن ينتقل خلالها التعاون بينهما إلى مستوى جديد تماما، ستنعكس آثاره على قضايا المنطقة، وعلى أسواق النفط وتقريب وجهات النظر بين منظمة أوبك وبين روسيا الاتحادية التي تعتبر أكبر منتج للنفط من الدول غير الأعضاء فيها، مما سيؤدي إلى حماية أسعار النفط ويساهم في استقرارها. كما أن الجانبين كما يؤكد مسؤولون من الطرفين لديهما اهتمام مشترك لوضع حد للمشاكل السياسية في المنطقة وتسوية النزاعات. كل ما تشير إليه أحداث الزيارة هو مزيد من الآمال والطموحات التي يتوقعها العالم وشعوب المنطقة من هذه الزيارة، خاصة أن البلدين والزعامة السياسية فيهما لديهما من القدرة والتأثير على بناء التعاون المشترك الذي يبرر هذه الطموحات وتحقيقها ليكون تاريخ هذه الزيارة بداية سطر جديد من الأمن والسلام والتعاون العالمي، وتأكيدا لعلاقات امتدت حوالي قرن من الزمان _بإذن الله_.