محمد الصويغ

زيارة تاريخية وفرص استثمارية واعدة

لا شك أن الزيارة الحالية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الى موسكو بدعوة من الرئيس الروسي سوف تزيل مختلف العقبات التي قد تحول دون تحقيق التعاون المنشود بين البلدين الصديقين لاسيما في المجالات التجارية والاقتصادية تحديدا، فالرغبة ملحة بين القيادتين السعودية والروسية لتدشين مشروعات استثمارية متعددة بين البلدين دعما لمصالح مشتركة سوف تعود عليهما بمنافع عديدة. ولعل الرغبة في مد جسور من التعاون بين البلدين تعود في أساسها الى تصاعد حجم التبادل التجاري والصناعي بين الرياض وموسكو، إذ قفز الى أكثر من 450 مليون دولار عام 2008 وكان لا يتجاوز 235 مليون دولار عام 2005، ويبدو واضحا للعيان أن هذا الحجم في تصاعد ملحوظ نظير الرغبة في عقد اتفاقات شراكات جديدة تضاف الى اتفاقيات تعاون قديمة بين البلدين. والمملكة تستورد الكثير من المواد الأساسية لمشروعاتها التنموية كالحديد والأنابيب ونحوها، وتصدر منتجات عديدة منها الأصباغ والأدوات الصحية والتمور، كما أن البلدين يعملان باستمرار على استقرار أسواق النفط العالمية ويعملان على خفض أسعار النفط وعدم اغراق الأسواق به للحفاظ على استقرارها، ومن المعروف أن البلدين يعتبران من كبريات الدول المصدرة للنفط في العالم، وهما حريصتان على استمرارية تدفق النفط لتلك الأسواق بطريقة سلسة وطبيعية. ومجمل اتفاقيات الشراكة قديمها وجديدها تؤدي في نهاية المطاف الى رفع مستوى التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وصندوق الاستثمارات العامة بالمملكة خصص ما يقارب 750 مليون دولار لاقامة مجمع صناعي في روسيا، وسوف يكون لهذا الاستثمار السعودي ما يقابله من استثمار روسي بالمملكة، فتبادل الاستثمارات يحقق الأهداف المشتركة المرسومة بين البلدين. الزيارة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الى موسكو تفتح مجالات واسعة لتوثيق العلاقات بين البلدين في كافة المجالات لاسيما الاقتصادية منها، فمشروع المطاط الصناعي المقام مناصفة بين شركة أرامكو السعودية وشركة البترول الروسية وكذلك مشروع استكشاف النفط والغاز بالمملكة هما مشروعان حيويان، يضافان الى سلسلة من المشروعات المشتركة التي سوف تتمخض عنها الزيارة الميمونة الحالية التي يقوم بها المليك المفدى لموسكو. المملكة تتطلع بأمل كبير الى تنفيذ رؤيتها الطموح 2030 وترجمة تلك الرؤية الى واقع مشهود على الأرض، سوف يقفز باقتصاديات المملكة وصناعاتها الى مستوى كبير تضاهي به مستويات الدول الصناعية الكبرى، وسوف تضع تلك الرؤية المملكة في موضعها اللائق والمرموق بين كافة الدول الكبرى، فالارادة قوية للوصول الى مراحل متقدمة من التنمية بتطبيق تلك الرؤية لاستشراف مستقبل واعد وجديد للمملكة. وتدشن الزيارة الحالية التي يقوم بها قائد هذه الأمة - حفظه الله - وتلك التي قام بها سمو ولي العهد لعدد من الدول الصناعية الكبرى الرؤية الواسعة لمستقبل المملكة، الذي يقوم على استثمار الشراكات المتعددة مع تلك الدول الكبرى لما فيه تحقيق رؤيتها الطموح، ولما فيه إحداث تغيير حقيقي لاقتصاد المملكة للعمل على توطين الصناعة وتنويع مصادر الدخل وإنشاء صناعات ثقيلة وخفيفة توقف موجة استيرادها من الخارج.