فهد السلمان

المملكة تتجدد بقيادة تستبق الخطى

في أكثر من منعطف، تُثبت قيادة هذا الوطن أنها أسبق من شرائح كبيرة في هذا المجتمع في الذهاب إلى فتح أبواب الحضارة والتنمية أمامه.لقد رفض الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الإذعان لرغبات أولئك المتوجسين الذين ألفوا دعة العيش في ظل التقليد، والمبيت في مكتسبات حاضرهم بعد الوحدة، على خوض غمار التحديث والتطوير واستخدام أدوات العصر، رغم أنهم كانوا هم عدته وعتاده، فاشتغل على مواكبة استحقاقات العصر ليصنع المملكة الحديثة، ولم يتوقف طويلا عند اعتراضاتهم التي أدرك أنها ليستْ أكثر من الخشية من التغيير، والأمر ذاته حدث في تعليم البنات عندما كانت الشريحة الأكبر تقف ضده على أنه مدخل لهتك الأعراض، ثم التلفزيون، ثم البث الفضائي، والنت الذي وُصف مستخدموه بالدياثة والعياذ بالله، قبل أن يتسابق معارضوه للمبيت فيه وفي قنواته، والسلسلة طويلة، مما يشير إلى أن معظم شرائح هذا المجتمع، أو على الأقل الشرائح الأعلى صوتا ونفوذا ترفض التغيير لمجرد الرفض، لأنها تستحضر خلفه في أذهانها دائمًا أبشع ألوان الشرور، قبل أن تكتشف بالتجربة أنه بخلاف ذلك، ليتحوّل رفضها له لاحقًا إلى عشق بحيث تكون هي الأكثر حضورا فيه أو استخداما له، وهي مشكلة أعتقد أنها ناجمة عن سوء الظن بالآخرين، أو أنها نوع من «البارانويا»، أو طغيان الشعور بالنزاهة بحيث ينفصل الإنسان عن واقعه، ويتعامل مع البقية على أساس ملائكة وشياطين إلى أن يثبت العكس. الأمر السامي بقيادة المرأة للسيارة ربما كان هو من أعقد الملفات لأنه استغرق وقتا أطول مما يجب، حيث اختلطت ظلال التحريم بتكريس مفاهيم مغلوطة في بعض الأذهان، إلى أن جاء «الملك الحازم» سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الشاب «أمير الحلم السعودي»، اللذان نزعا هذه الورقة الصفراء المستهلكة من حومة الصراع انتصارا لحق المرأة، وانتزعا بالنتيجة تلك الذريعة التي طالما رُمينا من ورائها كوطن وكمجتمع بالتشدد والتعسف في حقوق النساء. وتم حسم القضية الأعقد في تاريخنا كشعب باستباق القيادة كما هي العادة أبواب التحديث والتطوير، وتسخير كافة الأدوات لأبناء وبنات الأمة بوحي من ثوابتنا وأصالتنا التي يجب ألا تكون موضع مزايدة.. إنها المملكة التي تتجدد.