محمد السماعيل

أيها الحاج.. نحن في خدمتك

منذ زمن بعيد بدأت رحلة إبراهيم عليه السلام إلى مكة، وفي ذلك الوقت دعا إبراهيم عليه السلام ربه بأن يُظهر رسولاً من نسل إسماعيل، وقد استجاب الله له في عام 570م تقرباً حيث ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد أسكن إبراهيم أسرته المكونة من زوجه هاجر وابنه الرضيع إسماعيل بمكة، ثم رفع بنيان الكعبة مع ابنه اسماعيل عليهما السلام لتكون المركز الأول المبارك والدائم للهداية الإلهية (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، وها نحن في المملكة نرتل قوله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، وها نحن قد بدأنا في استقبال ضيوف الحرمين الشريفين الوافدين من كل مكان لأداء مناسك العمرة وأداء الركن الخامس من أركان الاسلام وأداء الزيارة، وها هي كافة قطاعات الدولة المعنية بالحج وشؤونه تبذل كافة الجهود من أجل راحتهم وأمنهم، وها هي صالات الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة تحتفل بأولى الدفعات وتقدم لهم الهدايا التذكارية تعبيراً عن الفرحة بقدومهم، وها هي باقي المطارات تستعد لاستقبال المزيد من الضيوف الذين يتوقع زيادة نسبتهم عبر أجواء المملكة لهذا العام بمعدل 20% مقارنة بالعام الماضي.الحجاج تركوا أوطانهم وأهلهم من أجل القيام بتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام، وقدموا إلى بلادنا من مختلف أنحاء العالم وهم يتحدثون بلغات متعددة، ونستطيع القول إن المملكة في هذه الأيام ستتحدث ببعض من هذه اللغات التي وصل عددها بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» إلى حوالي ستة آلاف لغة، وهؤلاء الحجاج أعلنوا بواسطة الإحرام الأبيض الرمزي البسيط الذي يرتدونه بأنهم سيكتفون بالحاجات الضرورية ليركزوا على هدفهم الأسمى وهو اتمام مناسكهم بروحانية وطمأنينة، وهذا هو العقد الذي بيننا وبينهم، وها نحن نفي بعهدنا ونؤمن لهم الأمن ونيسر لهم سبل رحلتهم.الحجاج يأتون إلى بلادنا فوجًا بعد فوج براً وجواً وبحراً من كل ناحية من النواحي مرددين شعاراً واحداً هو (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك)، وهي الدعوة التي كان إبراهيم عليه السلام يلبيها دعوة لربه جل جلاله، وسيجدنا الحاج الكريم في انتظاره ومساعدته عند المنافذ البرية والبحرية والجوية، وسيجدنا منتشرين على الطرقات حتى وصوله إلى المشاعر المقدسة، كما سيجدنا في مكة المكرمة والمدينة المنورة نعينه على أداء مناسكه كما هي عادتنا في كل عام ؛ لأن واجبنا في المملكة هو الاهتمام بضيوف الرحمن وتقديم أفضل الخدمات لهم منذ وصولهم وحتى مغادرتهم دون منة أو فضل، وسيذهلك – أيها الحاج الكريم - تعاضد الجهود من قبل كافة أبناء الوطن والقطاعات الحكومية والخاصة، ونسأل الله أن يتقبل من الحجاج أعمالهم ويتقبل أعمال من يقومون بخدمتهم وأن يديم على مملكتنا الغالية نعمة الأمن والاستقرار.