فهد الخالدي

نايف بن عبدالعزيز والأمن العربي

طالعتنا الصحف مؤخرا بقرار مجلس وزراء الداخلية العرب باستحداث جائزة الأمير نايف للأمن العربي، وهو قرار يأتي بلا شك تقديراً لما قدمه -يرحمه الله- للأمن في المملكة والمنطقة العربية من خدمات جليلة ما زالت آثارها واضحة، وقد دفعني ذلك إلى أن أعود قليلاً في محاولة لإحصاء وتعداد الدور الجليل للراحل الكبير في هذا المجال، فوجدت أن ذلك لا يكفيه مقال ولكنه يستحق أن يكون مشروعا لكتاب أو أكثر، فلربما يلم ذلك بمنجزاته وما قدمه في هذا المجال ولكن ذلك لا يمنع أن نحاول بمناسبة صدور هذا القرار أن نلقي ضوءا على بعض منها. كان سموه -يرحمه الله- الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب منذ تأسيس المجلس وحتى وفاته، وهو من أنجح المجالس الوزارية العربية وأكثرها فعالية واستمرارا وعطاء، وقد عمل سموه من خلال رئاسته للمجلس على إنجاز العديد من الاتفاقيات الأمنية الهامة في مقدمتها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، كما كان دائمًا يرأس الحملات الشعبية والحكومية للتبرعات لصالح الشعوب العربية إضافةً إلى العديد من المشاريع الإنسانية لمساعدة المتضررين من الحروب والكوارث في العالمين العربي والإسلامي، كما حرص طيلة توليه المسؤولية على متابعة المحافظة على أمن حجاج بيت الله الحرام وتوفير أفضل الظروف الأمنية والإنسانية التي تمكنهم من أداء المناسك في يسر وسهولة، وتقديم كافة الخدمات لهم من خلال ترؤسه لجنة الحج العليا، وحقق في ذلك نجاحات منقطعة النظير أثبتت حصافة القيادة التي تتولى تحقيق هذه النتائج بما يحفظ أمن الحجاج ويوفر الراحة لهم. أما ترؤسه لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي غدت صرحًا متخصصًا في العلوم الأمنية العربية فهو إنجاز آخر من إنجازات سموه التي تذكر فتشكر.وفي مواجهة التطرف والإرهاب كان لسموه منهج واضح في التصدي الفكري لهذه القضايا وهو تصد لا يقل أهمية عن التصدي الأمني إن لم يتفوق عليه في الأهمية، وقد أثبت فاعليته في كثير من الأحوال وذلك من خلال تأسيس إدارة الأمن الفكري في وزارة الداخلية وتمويل كراسي الأبحاث وفرق المتخصصين التي كلفت إعداد الدراسات ذات الصلة وفي مقدمتها الإستراتيجية الوطنية الشاملة للأمن الفكري (1431 - 2010)، وكذلك تشكيل لجنة المناصحة وحملة التضامن الوطني ضد الإرهاب وغيرها من الجهود. وفي مجال مكافحة المخدرات فقد تبنى تأسيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ثم تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والعمل الحثيث على عقد الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية للحد من هذه المشكلة ومنع انتشارها. فإذا أضفنا إلى ذلك كله الجهود العلمية والإعلامية التي حرص سموه على بذلها من خلال تنظيم إداري وفني دقيق فإننا ندرك الأسباب التي جعلت وزراء الداخلية العرب يطلقون هذه الجائزة ويسمونها باسم هذا الراحل العظيم الذي ما زال وطننا بل وأشقاؤنا معنا يجنون ثمار جهده وإخلاصه وتفانيه رحمه الله وجزاه عن أمته ووطنه خير الجزاء