كلمة اليوم

الجولة الأولى وتعزيز المصالح الأمريكية

بالأمس بدأت أول زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الأمريكي بعد دخوله البيت الأبيض للمملكة، وأول مصادفة شهدها الرئيس بعد وصوله للرياض هي تلك الصورة التاريخية المرفوعة التي جمعت الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن- يرحمه الله- مع الرئيس الأمريكي روزفلت وقتذاك، بما يؤكد على أهمية سريان التحالف السعودي/‏ الأمريكي منذ ذلك التاريخ حتى اليوم. والجولة الأولى التي بدأ بها الرئيس الأمريكي زياراته حيث حملته إلى المملكة تجيء للبحث عن شركاء لتعزيز وتأطير المصالح الأمريكية، ويقتضي هذا التعزيز البحث في كل القنوات التعاونية بين البلدين الصديقين وتحويلها إلى واقع مشهود، لا سيما فيما يتعلق بالقناتين الاقتصادية والصناعية، وترجمة فحوى الشراكات الموقعة بين البلدين لما فيه المصلحة المشتركة. والرياض- كما هو معروف- تعتبر حليفا إستراتيجيا للولايات المتحدة، منذ بدء العلاقات بينهما إبان اجتماع مؤسس الكيان السعودي الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن- طيب الله ثراه- مع الرئيس الأمريكي وقتذاك روزفلت، والتي ترجمتها تلك الصورة المعبرة التي توقف عندها الرئيس الأمريكي، وقد بقيت تلك العلاقات قوية ومتنامية خلال مختلف العهود بالمملكة، حتى العهد الحاضر الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله-. ويهم الولايات المتحدة أن تعزز علاقاتها بالمملكة، بوصفها مركز قوة هائلة في العالمين العربي والإسلامي، وبوصفها تتمتع بثقل سياسي يمكنها من المشاركة الفاعلة في حلحلة أزمات دول العالم، وتدرك الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم أن المملكة ما زالت توظف ذاك الثقل من أجل السعي لحل الأزمات العالقة في كثير من أمصار وأقطار العالم، وقد نجحت أيما نجاح في هذه المهمة التي تريد المملكة من تحقيقها إشاعة الأمن والاستقرار والرخاء في كافة بقاع الأرض. ولا شك أن زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة تمثل رسالة واضحة لشراكة قوية يمكن عن طريقها البحث في الصراعات الحالية التي تدور رحاها في سوريا والعراق واليمن، والسبل الكفيلة بحلها؛ لإبعاد منطقة الشرق الأوسط عن الحروب والأزمات والفتن، والوصول بها إلى مراحل آمنة من الاستقرار، ويهم المملكة الوصول مع شركائها في العالم إلى أفضل الصيغ الكفيلة بنشر ودعم السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما أن الرياض وواشنطن تعملان منذ زمن على مكافحة ظاهرة الإرهاب وايجاد السبل الكفيلة بتطهير دول العالم من هذه الآفة الشريرة، التي تحول دون تقدم ورخاء ورفاهية العديد من المجتمعات البشرية، وقد ذاقت الرياض وواشنطن الأمرين من اعتداءات تلك الزمرة الحاقدة من الإرهابيين، فالبلدان يعملان على وضع الإستراتيجية المناسبة بينهما، بل بين كافة دول العالم؛ لاحتواء تلك الظاهرة واجتثاثها من الجذور. وزيارة الرئيس الأمريكي للمملكة لها دلالات خاصة، تشير كلها إلى دعم سبل التعاون بين البلدين الصديقين، والوصول بها الى أرفع الدرجات والمراتب، لا سيما في المجالين الاقتصادي والصناعي تحديدا تفعيلا لرؤية المملكة الطموح 2030 وتقضي مستلزماتها بصنع شراكات فاعلة ومؤثرة بين المملكة وكبريات الدول الصناعية في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة.