كلمة اليوم

المملكة والقوة ثلاثية الأبعاد

أن يختار فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المملكة، كأول محطة يفتتح بها زياراته الخارجية منذ تسلمه زمام السلطة في البيت الأبيض في يناير الماضي، فهذا يعني بالتأكيد موقع المملكة ومكانتها الدولية في صنع السلام، ودورها العالمي في كافة المعادلات سياسيا واقتصاديا وإستراتيجيا، وأن العمل معها هو أحد مفاتيح الحلول في المنطقة والعالم. أيضا أن يعقد الرئيس الأمريكي خلال زيارته التاريخية للمملكة على أرض العاصمة السعودية الرياض ثلاث قمم في آن واحد، ابتداء بالقمة السعودية الأمريكية، ثم القمة الخليجية الأمريكية، وختاما القمة التي ستضم كافة قادة الدول العربية والإسلامية مع القيادة الأمريكية، وكل هذا في حضن الرياض كعاصمة للخليج وللعرب والمسلمين، فهذا هو مؤشر قوة الرياض المضاعفة، والتي يجوز أن نطلق عليها القوة الثلاثية الأبعاد، والتي تلعب فيها الرياض دور القائد خليجيا، وعربيا وإسلاميا، وهي القوة المنطقية التي لم تدّعها الرياض، ولم يمن بها عليها أحد، وإنما جاءت كحق مكتسب للمملكة، لأن المملكة هي نقطة ارتكاز الأمة الإسلامية، وقبلة ما يزيد على مليار وثمانمائة مليون مسلم في مختلف قارات العالم، وحامية وسطية الإسلام وحماه، ثم لأنها قلب العالم العربي الذي ظل بمنأى عن الحرائق المشتعلة، وحاملة خراطيم الإطفاء عبر ثوابت اعتدالها، ورؤيتها الموضوعية للأحداث وكيفية معالجتها، إلى جانب كونها كبير الخليجيين، وكل هذه القوى الضاربة والناعمة بنفس الوقت، إلى جانب قوتها الاقتصادية كأحد أقطاب مجموعة G20، والتي لم توظفها يوما لا للعدوان أو التوسع أو إيذاء الآخرين، ولا للمكابرة واستعراض القوة والتنكب لمن يختلف معها، وإنما وظفتها بأقصى طاقاتها للعدالة والاعتدال، والسعي بكل هذه القوى لفرض السلام في كافة أرجاء الأرض، ودعم جهود صناعة السلام، والحرب على الإرهاب والتطرف أو استضعاف الشعوب واسترقاقها من أجل السلطة، مما جعل المملكة بالنتيجة الشريك الطبيعي لكل من يسعى لاجتثاث الإرهاب، والصراعات على السلطة؛ لأنها الدولة التي تجتمع رهن إشارتها كل هذه القوى ثلاثية الأبعاد، ومع هذا لم يحدث أن هددت بها أحدا، أو وظفتها حتى ضد من يحاربها أو يناصبها العداء. لهذا، كانت المملكة بوابة السلام، ومعبر الاعتدال الذي تعول عليه الإدارة الأمريكية الجديدة، وكل محبي السلام لقيادة المنطقة والعالم إلى بر الأمان.