د. مبارك الخالدي

عن «سعوديوود» في حديث البازعي

أتمنى لو أكون متفائلا كالأستاذ سلطان البازعي وهو يبشر بمستقبل زاهر للسينما، ويرسم الدرب سهلا إلى «صناعة سينما»، فما أن تفتتح دور للعرض في البلاد ستصُبُ، حسب قوله، ملايين الاستثمار في صناعة سينما محلية (عكاظ، 5 شعبان). بصراحة، القول إن وجود دور سينما يؤدي حتما إلى قيام صناعة سينما (Film Industry) هو ترويج وبيع للوهم. فعند الالتفات إلى دول الجوار نرى أنها عرفت دور السينما لعقود عديدة، لكن لا تستطيع واحدة منها أن تفاخر بصناعة سينما مزدهرة ومتواصلة الإنتاج، وبأن أفلامها تنافس الأفلام الأجنبية في جذب المواطن والسائح إلى دور العرض فيها. صحيح إن السينما تلقى فيها دعما كبيرا من علاماته المهرجانات السينمائية التي ترصع قوائم ضيوفها بأسماء نجوم سينما عالميين، لكن المهرجانات شيء ووجود صناعة فيلم شيء آخر، فبالإمكان تنظيم مهرجانات في مدنٍ لا يوجد في أي منها دار سينما واحدة. عند الكلام عن صناعة الفيلم، تتبادر إلى الذهن هوليوود وبوليوود ونوليوود (السينما النيجيرية) والسينما في الصين وغيرها من الخمس أو الست عشرة دولة المعروفة بصناعات فيلم نشطة ومستمرة، التي تعني وجود شركات واستوديوهات إنتاج ضخمة، وبُنى تحتية، وشبكات كبيرة من دور العرض وعناصر ومقومات أخرى عديدة. إن صناعة الفيلم الروائي الطويل بأنواعه المتعددة تختلف عن صنع الأفلام القصيرة. هذا لا يعني التقليل من أهمية الأفلام القصيرة، لكنها ليست الجزء الذي يمثل الكل. ليس القصد هنا تثبيط الهمم والتيئيس، إنما التذكير بأهمية وضوح الرؤية لما تعنيه صناعة الفيلم وظروف ومتطلبات قيامها، والعقبات التي إن لم تعقه تماما فإنها حتما ستؤخره وربما إلى أجل غير مسمى. ليس سهلا نشوء صناعة فيلم أو حتى فتح دور عرض حيث تصريحات الليل تمحوها اعتذاريات النهار. وهذه أم العقبات وأولها. شيء آخر أتمناه وهو ألا يركز الأستاذ البازعي والأخوة في الجمعية اهتمامهم على عرض الأفلام القصيرة المحلية في الخارج، وينسون حقيقة أنه حتى الأفلام التي تعرض في مهرجان أفلام السعودية، مثلا، لا يشاهدها أو حتى لا يعرف عنها مئات الآلاف في المنطقة الشرقية!