إعداد ـ محمد الغامدي

طلال يتحدى «صمته» وينطق بموهبته

في صمت وثقة في ذاته وقدراته بدأ الشاب طلال حمدي، الذي فقد القدرة على النطق، مزاولة مهنة صيانة الإلكترونيات منذ أن كان عمره 14 عاما، معتمدا على موهبته وطموحه دون أن يدرس ذلك، غير أنه اكتشف طاقاته وإمكانياته وانطلق فيما يحب ويعشق ويتقن. مواهب طلال تضيف إلى قائمته الخاصة أيضا الكتابة بخط جميل سواء كان ذلك بالعربي أو الإنجليزي، وذلك على القطع التي يحضرها الزبائن للكتابة عليها، وكل ذلك دون أن يدخل مدرسة إطلاقا، حيث كانت مدرسته الحياة وتعلم فيها صنعته وعلمته الكثير الذي جعله ماهرا ومحبوبا. طوال أسبوعين متتاليين ظللنا نبحث عن طلال إلى أن عثرنا عليه، لأنه ليس لديه محل ثابت، وكان اللقاء به في حراج الخبر حيث كان مبتسما وكله أمل وتفاؤل، مصطحبا معه ابن عمه «علي» فهو من كان يترجم ويشرح لنا ما يقوله طلال، وجميع الذين في السوق يثقون بحسن أدائه في مهنته ويشهدون على أمانته العالية لدرجة أن أصبحوا يفهمون ما يقوله. ![image 0](http://m.salyaum.com/media/upload/a4579c26ee397ccd9cc319a7a964237d_9.jpg) يقول طلال: منذ أكثر من 15 عاما وأنا متواجد في السوق القديم لمحافظة الخبر، وتحديدا بدأت منذ كان عمري 14 عاما في إصلاح السيرفرات وأيضا التلفاز المنزلي، ومن هنا انطلق حبي وشغفي بهذه المهنة، والآن أصبح عمري 35 عاما ولا زلت أعمل بهذه المهنة التي دخلها قليل ولكني راض بما يكتب الله لي من نصيب ورزقي اليومي. ![image 1](http://m.salyaum.com/media/upload/aca0e2a13b3310ad87f54abb9d538604_10.jpg) حين تحدثنا مع أصحاب طلال في السوق.. كانت ردودهم بالإجماع: تقصد الأمين طلال؟ فهو من أفضل من رأينا في عمله وأمانته، والجميع يحبونه ويفتقدونه إذا غاب عن السوق، ونتمنى أن يجد الدعم ليكون له محل حتى لو كان متواضعا في هذا السوق. ![image 2](http://m.salyaum.com/media/upload/67c87893bb5068b279b148f67eb048fa_11.jpg) يقول طلال: الدخل الذي أتلقاه من مهنتي يكفيني أنا وحدي فقط، ولكني أجتهد أكثر؛ لأكفي احتياجات إخوتي، فأنا غير متزوج، والعمل كما هو معروف يتطلب تقديم الجهد والمثابرة، وأنا شخصيا أطمح للأفضل ولن أدخر أي وسع ممكن لكي أتقدم وأنجح بإذن الله. ![image 0](http://m.salyaum.com/media/upload/6892d783b0e05852a9bdec17c9dacf69_12.jpg) مصدر الرزق الوحيد لطلال من خلال هذه المهنة التي يقضي بها احتياجات المنزل وإخوته.. جميع سكان الحي الذي يسكن فيه يشيدون بعمله، فهو مهتم بهذا النوع من المهن منذ وقت مبكر حتى أصبح من المحترفين الذين يشار إليهم بالبنان. ![image 1](http://m.salyaum.com/media/upload/b9a86d472b31f5581afabf5e59f0f9f0_13.jpg) طلال ظهر بإطلالة مميزة في السوق بحسن تعامله وأمانته، وفوق ذلك إذا عمل مع أحد الزبائن لا يتطرق لسعر محدد، فجملته التي يرددها دائما للزبون «عطني اللي تقدر عليه» ويقبل بأي سعر ولا يعترض نهائيا، فالميزة هذه لا تنطبق على أي شخص يعمل في هذه المهنة. ![image 2](http://m.salyaum.com/media/upload/b2624c142ae237e6e6e1da1a8000164f_14.jpg) الكثير من الزبائن يشعرون براحة كبيرة عندما يتعاملون مع العامل السعودي، فهذا الأمر يجعلهم أكثر اطمئنانا، ومنهم من يقول إننا نثق بالعامل السعودي أكثر من غيره، وهذا الأمر يجعلني أكثر فخرا وثقة بما أقوم به. على الجيل الجديد من الشباب المراهنة على وطنه في مهمة النهوض به للدخول في أي مهنة تناسبه ويتقنها فهي مصدر رزق جيد، لا سيما إتاحة الدولة مؤخرا مزيدا من الفرص العملية من خلال قرارات التوطين في المحلات التجارية وغيرها، فباب المهن يطرق الباب لكل عاطل عن العمل.![image 0](http://m.salyaum.com/media/upload/2ced2ac9ff691b30e5bf7626718d2358_15.jpg) على الشباب التخلص من ثقافة «العيب» في هذه المهن، ولو يعلمون أن ما يقدم لنا من دعم معنوي من الزبائن لكانوا حاضرين في هذه المهن، فالعيب في الاعتماد على الآخرين، إذ الأغلبية من الشباب يظنون أن هذه المهن أقل من طموحاتهم، ولكن في السنوات الأخيرة خاض بعضهم التجربة واكتشفوا أنه يوجد بها دخل أكثر من راتب العمل الشهري.