سالم اليامي

القرارات الملكية الأبعاد والمضامين

من التقاليد التي أصبحت راسخة في العمل السياسي السعودي، وتحديدا في الجانب الذي يكشف عن جزء من علاقة القيادة بالشعب، موضوع التحديث والتطوير الذي تباشره القيادة بصورة تكاد تكون منتظمة، إما سنويا، أو كل بضع سنين، أو متى ما دعت الحاجة إلى ذلك. الصورة التواصلية بين الجانبين أصبحت تقليدا راسخا في العمل السياسي الوطني الداخلي، وهذا التقليد أخذ منحى جديدا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- نصره الله- مقاليد الحكم في شهر يناير2015م، حيث أصبحت عملية صدور قرارات ملكية تعالج كثيرا من الشؤون والقضايا، أمرا دوريا وسمته السرعة، وتميزت بطابع التطوير والمتابعة والمساءلة أحيانا، لذا كان لكل القرارات التي تلقاها الناس في هذه المرحلة خاصية جديدة وهي أنها تقترب إلى حد كبير من هموم الناس وتطلعاتهم، وتحقق في أحيان كثيرة رغبات المجتمع السعودي، وتعبر عن جُل أمانيه. أركز على هذه الفكرة في بعدها التواصلي وهو أمر في غاية الأهمية خاصة عندما يكون بين قمة الهرم وقاعدته، وعندها تنتج حالة فريدة من التناغم هي أقرب للحب والرضا والقبول من أي شيء آخر. لا أريد أن أنتهي من جزئية البعد التواصلي في القرارات الضافية من قيادة هذه البلاد قبل أن أشير إلى معطى عملي نقله لي أكثر من صديق وأكثرهم من الاختصاصيين، وهو أن الزمن الذي بثت فيه القنوات السعودية الرسمية القرارات على الناس حظيت بنسبة مشاهدة «كاسحة»، وقال لي آخر: نسبة مشاهدة غير مسبوقة، أو مليونية. ونقل لي من أثق في مهنيته من الأصدقاء أن نسبة المشاهدة في لحظة إعلان القرارات الملكية فاقت الثلاثين مليون مشاهد. وهذه الحقائق تمد المحلل بمعطيات متفردة في العلاقة السعودية المتميزة بين القيادة والناس، ولعل من المفيد على خلفية هذ الفهم تناول القرارات الملكية الأخيرة من منظورين كثيرا ما سئلت عنهما، وهما البعدان السياسي والأمني، داخليا وخارجيا. وأقول: مستعينا بالله فيما يخص الميدان الداخلي جاءت القرارات شاملة وتناولت أغلب القضايا التي تنال من اهتمام المواطن، وربما تثير قلقه سواء على الحاضر أو على المستقبل، وبحق كانت كلمة السر في كل ذاك بث الطمأنينة لدى المجتمع بكل شرائحه. الأسر والطلاب، والموظفين عسكريين ومدنيبن، ويمكن القول وبثقة عالية إن حزمة القرارات المنصبة مباشرة على الشأن الداخلي قطعت كثيرا من المسارب المحتملة للإشاعة والبلبلة وزعزعة استقرار المجتمع. هذا المعطى المهم، والذي يعد سياجا جديدا عن البنية الداخلية السعودية هو في ذات الوقت درجة أخرى من درجات الحماية والصد عن البلاد وأهلها من الاخطار الحالة، والمحتملة إقليميا ودوليا. وعلى المسار السياسي الخارجي كانت أبرز المضامين التي عالجتها القرارات الملكية الضافية موضوع تعزيز الامن الوطني وهو في جوهره أمر داخلي ذو أبعاد وانعكاسات خارجية سياسية وأمنية وثقافية واستراتيجية. حيث صدر التوجيه بإنشاء مركز يُعنى بهذه الجزئية البالغة الأهمية. ويرتبط بدوائر صناعة القرار العليا. الموضوع الآخر في هذا المستوى يتعلق بوزارة الإعلام الوطنية التي هي صوت وذراع هذه البلاد، الناعم، الذي يمتد في أعماق الكرة الأرضية وينقل مواقف وآراء وثقافة الوطن والدولة والناس. بعد مهم آخر في تقديرنا لا تغفله القيادة في مسيرة القرارات المباركة هو البعد الدبلوماسي الذي يشكل قناة التواصل، والتأثير مع العالم، وفي الحقيقة أن هذا البعد حظي بلفتة فاحصة من القيادة، حيث تم تعيبن سفير للمملكة في واشنطن على درجة من التحصيل والمهنية والقرب من القيادة، خاصة في هذا الظرف الذي تمر فيه المنطقة والعالم بمعضلات وأخطار ليس أقلها الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول المستقرة الآمنة. وبضاعة «الإرهاب» و«التدخل» تأتي غالبا من نفس المصدر. المهم في هذه الجزئية أنها تواكب التفاتة تكاد تكون نوعية، من لاعب قطبي هو الولايات المتحدة الأمريكية إلى المنطقة وقضاياها، وسارعت المملكة لاستثمارها بشجاعة. التغيير والتطوير، من أسرار بقاء الأمم والشعوب، بشرط أن لا تخلو من أملٍ بغدٍ أفضل.