خالد الشريدة

الصحة والخصخصة

هناك مشكلة حقيقية في كادر الوظائف الصحية، يمكن النظر إليها من خلال المخرجات الطبية والعلاجية على مدى سنوات، فيما نجد كثيرا من الأجانب في القطاعات الطبية والعلاجية المختلفة، وذلك يعني أن الميزان الوظيفي يتجه بترجيحه إلى مسار آخر لا يتفق مع مقتضيات استيعاب المواطنين، إذ لم يتم تعيين كثير من الخريجين خلال الفترة الماضية وأجد أن ذلك يزيد صعوبة في الفترة المقبلة التي تستعد فيها وزارة الصحة لخصخصة جميع المستشفيات الحكومية عبر إنشاء شركات تشغيل حكومية تنتقل لها ملكية المستشفيات مع العاملين فيها.الخدمات الصحية من خلال الخصخصة ربما تتجه إلى تنافس في الجودة، وذلك طبيعي بحسب مرئيات الوزارة التي أقدمت على الخطوة بهدف رفع مستوى الجودة وكفاءة الإنتاج إضافة إلى ترشيد التكاليف، ولكن يبقينا ذلك في مشكلتنا وهي بطء توظيف الكوادر الوطنية وتيسير تطورها الوظيفي، لأن الخصخصة ستتعامل بمفاهيم رأسمالية بحتة بحيث لن توظف سعوديا وفقا لنمط حياته ما يجعلها تستبدله بأجنبي يقبل بأقل منه، وذلك يعني عودة للمربع الأول في بطالة مواطنينا وعدم تطور قدراتهم.المشكلة الأخرى، أن التدريب لن يتم بصورة سلسة ومجانية، وإنما بمقابل مادي، أي كل شيء بفلوس وفي النهاية قد لا يجد الطبيب أو الممرض أو فني المختبر وخلافه الفرصة الوظيفية التي يطمح اليها، ولا أعلم إن درست الوزارة ذلك جيدا بالتنسيق مع الخدمة المدنية وهيئة التخصصات الصحية أم اتخذت القرار بمفردها؟ لكن في كل الأحوال ينبغي التوازن في ذلك فهناك مكاسب لا يمكن إنكارها من الخصخصة غير أن لها سلبيات قد تؤثر على مخرجاتنا الطبية، ولا يمكن القبول بإضعاف فرص كوادرنا الوطنية دون التفكير كأولوية في حظوظها وتنمية إمكانياتها ونيل حقوقها العلمية والعملية.مخرجات التعليم العالي في الحقل الطبي تزيد عاما تلو الآخر، فضلا عن ان المبتعثين والدارسين على حسابهم، فأين يعمل كل هؤلاء والطاقة الاستيعابية لوزارة الصحة لا تزال بعيدة عن الاستيعاب النموذجي لهم؟ أتمنى ألا تسارع الوزارة للخصخصة قبل استيفاء دراستها ووضع نظام مرن لتطوير وتدريب وتأهيل الكوادر الطبية وإيجاد مساحات واسعة لمواكبة التطور الطبي، لأنه في حالة القطاع الخاص قد يحدث عدم اهتمام لهذا الجانب باعتبار أن التركيز يكون على القيم الاستثمارية بالدرجة الأولى وذلك يحرم مواطنينا من كثير من الفرص العلمية وتطوير القدرات، ولا يمكن أن ينفق الأطباء على أبحاثهم ودراساتهم ومشاركاتهم العلمية من جيوبهم الخاصة فتلك مسؤولية الوزارة والتعليم العالي والمؤسسات الصحية، ذلك إذا حصلوا على ما يكافئ أعمالهم في الأساس.