د. طرفة عبدالرحمن

الفاشلون في الحب !

حالة شعورية موجعة يغلفها الحزن وكثير من الندم تصيب المفجوعين بموت قريب أو عزيز.. لست هنا بصدد الحديث عن حجم الألم الذي يتركه هذا النوع من المصائب، فنحن لا نملك ان نخفف وطأة هذا الألم مهما بذلنا من مواساة وتعاز.. لكن ما يجب الانتباه له قبل فوات الأوان، أن المواقف الحياتية التي تجمعنا بالمحيطين بنا قد لا تكون موضع تأمل أو انتباه ونحن نعيشها معهم، لكنها ستكون موضع تفكر دائم بعد مماتهم، بل إن بعض المواقف التي ختمناها معهم إما بقسوة أو قلة مودة أو تفريط في واجب (ستقصم قلوبنا ندما وحسرة). فالموت يٌفهِمك الكثير من المواعظ وإحداها ألا شيء في الحياة يستحق أوقات كدر وسوء تفاهم بينك وبين أقرب الناس لك.. أنا لا أعتقد أن هناك إنسانا سويا بمشاعر انسانية طبيعية تكون له طاقة تحمل موت أحد أبويه أو اخوته وهو في حال خلاف معه. الإنسان السوي يندم على اللحظات التي لم يقضها بمتعة وسعادة مع أهله في الوقت الذي فقدهم فيه، فما بالك عندما يغيّب الموت أحدهم وهو في خلاف أو قطيعة معه. إن كنت تملك فرصة تسوية أي خلاف مع قريب أو عزيز لا تتأخر، وإن كنت لا تملك الفرصة اصنعها وانتزعها بالقوة من الظروف.. استوف فرصك كاملة في التودد لوالديك بالتحديد.. حاول ان تأخذ هذا الكلام على محمل الأهمية الآن إذا كانت الظروف تتيح لك ذلك، فربما تعلمك فجيعة الفقد حجم القصور الذي لن تغفره لنفسك بسهولة بعد رحيلهم. بعض الأمور لا جدوى من فهمها ومعرفتها في الوقت الخطأ.. وأخيرا؛ والداك واخوتك هم أول دائرة اجتماعية قرابية من المفترض في الوضع الطبيعي أن يٌقدم لها الولاء والإيثار فإن اخفقت فيها تحت أي مبرر فأنت فاشل على مستوى الحب والإنسانية والضمير.. بالطبع لا يدرك معنى هذا الكلام الغارقون في ذرائع القطيعة أو التقصير أو الكره؛ فهؤلاء لديهم من الأعذار ما يكفيهم ليس فقط في الصد والهجر أو التقصير، بل ما يبقي ضميرهم في حالة برود وتبلد في أصعب وأشد لحظات الفراق أو تقطع أواصر الصلة !!.