د. طرفة عبدالرحمن

تساؤلات الحياة..

لا تتجاهل الأسئلة الصعبة أو الكبيرة التي تراودك بين الحين والآخر مع ذاتك.. لا تهرب منها، حتى إن خذلتك الإجابات عليها.. تساؤلات الذات العميقة حول حياتك وإيمانك وكينونتك الاجتماعية تعتبر من الأسئلة الكبيرة والمخيفة أحيانا، كونها تحتاج إجابات جريئة تواجه حقيقتك الفعلية في وجوهها المتعددة الجميلة منها والقبيحة، إنها تجعلك في مواجهة صريحة مع نقاط ضعفك وفشلك التي لا تملك الجرأة أحيانا بالاعتراف بها حتى أمام نفسك، ومع ذلك عليك ألا تهرب منها وتتقبل استفزازها.. إن محاولات الإجابة على الأسئلة الصعبة أو المحرجة التي تطرحها علينا الذات، تمثل أولى خطوات الوعي والإدراك الذاتي.. الأفراد الذين يجبنون عن مواجهة الأسئلة العميقة في حياتهم أو حتى الذين لا تطرح عليهم عقولهم هذا النوع من التساؤلات هم في الحقيقة أقرب ما يكونون إلى الروبوتات البشرية؛ يتحركون في هذه الحياة بعقول مبرمجة تدفعهم إلى العيش في هذه الحياة بطريقة آلية، في دائرة روتينية ثابتة، حتى كسرهم للروتين الحياتي نراه يكون بروتين آخر.. الأسئلة الملحة والمحرجة لا تحتاج إلى تأجيل ولا هروب من إلحاحها، هي تنتظر منك قليلا من التمرد على قناعاتك المتطرفة؛ كي ترضيها وتفهمها.. الحكماء ومن في حكمهم، عادة لا يتجاهلون أو يتجاوزون الأسئلة المعقدة عن الحياة والذات حتى لو أنهكتهم الإجابة عليها.. هناك أمور في الحياة تأجيلها يعني فناءها واندثار فائدتها.. ليست فقط التساؤلات؛ بل حتى أحلامنا الكبيرة حين نؤجلها أو نترك تحقيقها للقدر وليس للإرادة فإنها تهرم وتصبح كالعجوز ضعيفة الحيلة والقوة.. لا يدرك هذا الأمر جيدا الا من سرق الزمن سنواته وهو في غفلة عنها.. إن لم تجتث متعتك وفرص تحقيق أحلامك ومغامراتك بالقوة من الحياة في الوقت المناسب؛ تأكد أنها لن تأتيك ولن تنتظرك.. ما سيأتيك هو طيفها الأخير حين تتبخر، ليزيدك شعورا بالندم.. انتبه في حياتك من بواعث الندم أو حتى الإخفاقات والاحباطات والتي تنشأ معظمها من الخط المتطرف في الرؤية الشخصية، فبعض الأشخاص على سبيل المثال منهجيتهم في الحياة متطرفة، إما سعي دؤوب لأحلام صعبة ومنهكة، عند تحقيقها يأتي معها ألم التفريط في سنوات أكثر قيمة منها.. أو أشخاص لا يحلمون وتدور حياتهم في عجلة متروكة للقدر والنصيب بشكل مبالغ به، لا هوية لاحلامهم ولا خطط مرسومة بعناية لمستقبلهم!! أيضا تطرفهم يظهر في انقسامهم بين شخصيات مقبلة على الحياة بنهم في جشاعة أحيانا على حب التميز والاستحواذ والتمظهر في المكانة الاجتماعية، أو شخصيات منزوية لا مبالية لها اهتمامات غريبة معظمها وقتية لا تتعدى مجال المتعة أو الاهتمام بقشور المواضيع والشكليات، وهذا النمط بلادتهم غريبة تشعر أن وعيهم منفصل عن مجتمعهم العام.. لا تكن من هؤلاء، ولا تهرب من أي شيء حد الجبن.. ولا تقبل على أي شيء حد النهم.