عبد اللطيف الملحم

محافظة طريف ونقطة البداية للطاقة المتجددة

تقع محافظة طريف في الشمال من المملكة العربية السعودية وتقع بالقرب من الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية. وفي الماضي تميز موقع هذه المحافظة كونها انتعشت وقت إنشاء خط التابلاين لنقل البترول من المنطقة الشرقية بالمملكة إلى ميناء صيدا بلبنان المطل على البحر الأبيض المتوسط. وعند بدء التشغيل لهذا الخط أصبحت هذه المدينة الصغيرة جزءا مما يسمى في الوقت الحالي بمبدأ التجارة العالمية والتعاون الاقتصادي. وقد رأت المدينة إنشاء مستشفى حديث ومطار يتم استخدامه لأغراض متعددة. ويتميز موقعها كونها قريبة من أحد أهم روافد الاقتصاد المحلي لقربها من مصنع إسمنت الجوف ومصنع إسمنت الشمالية وكذلك شركة معادن للفوسفات بحزم الجلاميد. ومن إحدى سمات هذه المحافظة التي قد لم يلحظها الكثير وهي كون تيارات الهواء فيها من اتجاه شبه ثابت ولكنه مستمر لا يتوقف تقريبا. ولهذا ففي الوقت الحالي قد يبرز اسم هذه المحافظة كونها أول مكان سيتم فيه إنشاء توربينات الهواء الأكثر تطورا لإنتاج الطاقة الكهربائية. وفي الأيام القليلة الماضية تسلمت شركة أرامكو السعودية أول هذه التوربينات في مقرها الرئيسي بالظهران قبل نقل هذه التوربينات والشفرات التي تدور في الهواء إلى محافظة طريف. ولعلم القارئ فهذه الشفرات كبيرة جدا لدرجة أن قطرها يصل إلى 120 مترا. وحسب ما نشرته شركة أرامكو في مطبوعة القافلة الاسبوعية فسيكون ارتفاع هذه التوربينات 145 مترا وهو ارتفاع يصل إلى نصف ارتفاع برج المملكة في العاصمة الرياض. وقد روعي أثناء تشغيلها تقليل نسبة الضوضاء التي تحدثها هذه الشفرات من خلال تطوير الكثير من تقنيتها وتطويرها من خلال شركة جنرال الكتريك الرائدة عالميا في إنتاج وتطوير وتصنيع مولدات الطاقة. ومن المتوقع أن تكون هذه التوربينات جزءا من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة. وكما نعلم فقد تم تشكيل فريق للطاقة المتجددة في أرامكو السعودية عام 2010م لدعم أهداف المملكة لتسريع عمليات تطوير وتسريع إنتاج الطاقة المتجددة. وأما ما يخص توربينات الهواء لإنتاج الطاقة في محافظة طريف فمن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجريبي هذا العام بعد إنشاء قواعد بناء لهذه التوربينات وشفراتها العاملاقة. وفي الوقت الراهن أصبح من الضروري التنوع في إنتاج الطاقة سواء عن طريق التوربينات الهوائية أو الألواح الشمسية كون استهلاك المملكة من المشتقات البترولية لإنتاج الكهرباء يعتبر الأعلى في العالم. وإضافة لكون هذه التوربينات مصدر توليد طاقة كهربائية، إلا أن وجود مثل هذه المولدات العملاقة من شأنه أن يكون عاملا مساعدا لمحافظة طريف والمحافظات القريبة منها على تطوير أمور أخرى في بعض مدن الشمال. بل إن شكل هذه التوربينات العملاقة والضحمة هي في الحقيقة معلم سياحي. فهذه التوربينات الضخمة والشفرات العملاقة منظر جاذب لكل من يعبر طرق الشمال بالضبط مثل ما كان عليه خط التابلاين وقت إنشائه. ولكن في نهاية المطاف فقد تكون بداية الإنتاج الضخم للطاقة المتجددة سيكون من مدينة في الشمال اسمها (طريف).