كلمة اليوم

العراق وسوريا والطريق نحو الأمن والسلام

تدرك الدول الغربية، ومؤسساتها الامنية، أن الامن العالمي حالة متشابكة، وانه لا يمكن لأي بلد أن ينعم بالامن والاستقرار، فيما غيره من الدول يعيش الفوضى والاضطراب والقتل والدماء، كما ان روسيا التي تجد نفسها تدافع عن أمنها القومي في سوريا، مدركة تماما بأن الجيوسياسية الاسلامية، تضرب في أعماقها، وان الدم والدمار في سوريا لن يصنع سلاما في سوريا ولن يعزز الامن القومي الروسي، وكذلك ايران، التي بدأت تتخوف من التقارب الروسي التركي، وتتحدث علنا بأن ليس لتركيا تواجد على الارض السورية، فيما تستبيح ايران العراق من شماله لجنوبه، وتتحكم بقراره السياسي والسيادي، خاصة بعد معلومات تؤكد رغبة وزارة الداخلية العراقية نقل قوات حرس الحدود من الحدود مع ايران لوضعها على الحدود مع دول جوار العراق العربي ومع تركيا، بحجة ان لا اعتداءات بين العراق وايران.ان الفوضى التي ضربت الدول الغربية، هي نتاج لصناعة الفوضى في سوريا، لعدم قدرة المجتمع الدولي على صناعة السلام في الشرق الاوسط، وعليه فان السلام الذي يأتي متأخرا وبعد مقتل ملايين البشر، وتدمير المدن، ليس سلاما قابلا للحياة، لان الحرب خلقت وقائع جديدة، واي سلام دائم يتطلب ازالة هذه الوقائع وان لا ينظر اليها كحقائق، كعمليات التجريف الديمغرافي على اسس طائفية، واستبدال لقرى ومدن وفقا لخطوط ومتطلبات المصالح الجديدة.ان روسيا التي تخوفت من الراديكالية الاسلامية، واعتبرتها مصدر تهديد لامنها القومي، يتضح لدينا بأن هذه الراديكالية ليست اسلامية، وانما هي أدوات صراع ولكن بوسائل وادوات مختلفة، انه تعبير عن صراع غير مباشر بين روسيا والغرب ولكن على الارض السورية والعربية، وكذلك ايران التي بررت تدخلاتها بالدفاع عن المزارات الشيعية، واستحضرت التاريخ، لتبرير هذه المواقف، حيث وجدنا ان دول العالم تبحث فقط عن مصالحها أولا وأخيرا وان حكاية حقوق الانسان، والدفاع عن البشر، وحماية المزارات، ليست سوى دعايات كاذبة، تنطلي على عقول البسطاء، او الذين تخلوا عن هويتهم الوطنية، وأصبحوا جزءا من ادوات ايران الخارجية.ان روسيا والغرب اليوم امام حالة افتراق كبيرة، لكن لديهم القدرة على الاتفاق على ما يضر بمصالح دولنا ومجتمعاتنا، وان ليس امامنا من خيارات غير تفويت هذه الفرص، ونزع المبررات السياسية التي يتخذونها غطاء لسياساتهم الدامية في المنطقة، كما توظف ايران العامل الشيعي لتبرير تدخلها، وكذلك محاربة الارهاب، لكنها عمليا تسهم في تهديم اركان الدولة الوطنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتعلي من قيمة الميليشيات على حساب المؤسسات العسكرية والامنية الوطنية، ظنا منها ان ذلك يديم وجودها وتأثيرها، ويبقيها لسنوات طويلة في بلادنا.ان الصراعات عبر التاريخ تولد تحولات داخلية، اجتماعية وسياسية، وفي جنوب العراق اليوم تجري تحولات كبيرة بالضد من الخطاب الطائفي وكذلك في المناطق العربية السنية، حيث تدعم هذه القوى الدولة المدنية والوطنية، كطريق لخلاص العراق، من نظام المحاصصة الطائفية، حيث تؤكد المعلومات، أن أمام العراق طريقا واحدا نحو المستقبل، وهو تجاوز الطائفية، وبناء أعمدة وأركان الدولة الوطنية لجميع العراقيين، فما صنعته الحكومات منذ عام 2003، ما زال دون المستوى، وان التمييز والفقر والاغتيالات لم تشمل السنة فقط بل تشمل الشيعة ايضا وان الفساد والسلطة بات متلازمة واضحة في العراق، وعليه فان المستقبل او الفوضى مجددا خيار وحيد امام الدولة العراقية، وكذلك الامر في سوريا، حيث تؤكد جميع المعطيات أن صناعة السلام مشروط بانتهاء رموز حقبة القتل والدم والدمار.