د. ابراهيم العثيمين

«الإرهاب يصغر أمام صلابة موقفنا وقسوة ردنا»

كانت كلمة الأمير محمد بن نايف التي ألقاها يوم الثلاثاء الماضي «29 نوفمبر» خلال ترؤسه الاجتماع الدوري الـ35 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في الرياض، تحمل كثيرا من المضامين والاسس لمستقبل التعاون الامني المشترك. فقد لخص سمو الامير محمد بن نايف في بداية كلمته المهددات التي تهدد دول الخليج في ثلاث ازمات رئيسية «ازمة الافكار المتطرفة «الانحرافات الفكرية»، النزاعات الطائفية والتنظيمات الارهابية والمتطرفة وتدخلات كما سماها بعض الدول في الشؤون الداخلية لدول الخليج». هذه الازمات هي نتاج بشكل مباشر أو غير مباشر للاضطرابات التي عمت المنطقة منذ أواخر عام 2010، والتي أدت الى بروز الفكر الطائفي والخطاب الطائفي بعنوانها الكبير ايران وتغذيتها لميليشياتها الطائفية المتطرفة في المنطقة وكذلك بروز التنظيمات الارهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش الارهابي وانتشارها وتمددها وتقويتها عبر تحولها من تنظيمات قطرية وعامل تهديد في اطار الدولة القطرية الى تنظيمات اقليمية بل عابرة للقارات ولا تعترف بحدود أو بإقليم جغرافي. رغم استقرار دول الخليج الا ان شرر هذه الاضطرابات وصل لعمقها الاستراتيجي عبر التدخلات الايرانية في شؤونها الداخلية وكان عنوانا واضحا في مملكة البحرين. وكذلك دخول دول الخليج عبر دائرة الاستهداف للتنظيمات الارهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الارهابي وذلك بهدف شرعنة تنظيماتهم الارهابية وكذلك وسيلة للتمويل عبر الوصول الى منابع النفط. فهذه الصورة البانورامية لوضع المنطقة هي التي حاول الامير محمد بن نايف في كلمة موجزة ومباشرة تصورها. يقول الامير محمد بن نايف «مهما كانت قوة وخطورة من يحاول أن يعتدي على أمننا واستقرارنا فإنها تصغر، إن شاء الله، أمام صلابة موقفنا وقسوة ردنا، مستمدين العون والتوفيق في مواجهة مخاطر تلك الأعمال الإجرامية والمخططات العدوانية من الله وحده ثم بقدرة وكفاءة أجهزتنا الأمنية وتماسك وحدتنا الوطنية، وصلابة أمننا الفكري وعمق تجربتنا في مواجهة التحديات». فخلال الفترة الماضية ترجم هذا الكلام الى عمل حقيقي ولم يقتصر على الجانب النظري. فلما حاول المشروع الايراني التمدد الى اليمن الشقيق عبر دعم ميليشيات الحوثي- صالح للانقلاب على الشرعية التي اقرها الشعب اليمني اجمع، قامت دول الخليج «التحالف العربي» بقيادة السعودية بعاصفة الحزم من اجل استعادة الشرعية فى اليمن وإنقاذ الشعب اليمني من الحوثيين وعملاء إيران. كذلك في منظر استعراضي ضخم ويدعو للفخر والاعتزاز ورسالة واضحة للعالم اجمع، قامت الأجهزة الامنية الخليجية الستة بأكبر تمرين خليجي مشترك تحت عنوان «أمن الخليج العربي واحد»، والتي استضافتها مملكة البحرين، بعد تمرينات خليجية ثنائية او ثلاثية مثل التدريبات البحرية السعودية البحرينية المشتركة التي حملت اسم «جسر 17» او تمرينات «درع الخليج 1» في مياه الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عُمان، كرسالة واضحة عن عزم دول الخليج على التصدي لأي تهديد يحاول مس امنها واستقرارها. دول الخليج كذلك من اجل مواجهة ومكافحة معظم انواع الجرائم التي تهدد المنطقة سواء كانت جرائم منظمة أو عابرة للحدود، اسست جهاز الشرطة الخليجية الذي يتخذ من أبوظبي مقرا له، كرافد وداعم ومعزز لأمن واستقرار دول الخليج. جهاز الشرطة الخليجية هو خطوة جديرة بالاهتمام وسوف افرد لها مقالا للحديث عنها بشكل تفصيلي الا انني هنا سوف اكتفي بما قاله رئيس جهاز الشرطة الخليجية المقدم مبارك بن سعيد الخييلي في حوار له في صحيفة «الوطن» عن اولويات الجهاز، يقول الخييلي ان من «أولى أولويات الجهاز تأسيس مركز للمعلومات وقواعد البيانات، بحيث تتشارك الأجهزة الأمنية والشرطية استخدامها في تبادل المعلومات الأمنية والجنائية، ومن الأولويات الأخرى تكوين قدرة تحليلية أمنية وجنائية تستطيع أن تقدم عملا تحليليا يخدم جميع الأجهزة الأمنية والشرطية في الدول الأعضاء في المجلس، كما يخدم العمل الأمني في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون».قامت دول الخليج كذلك بكل وضوح وكل جرأة وتحول حقيقي في التعامل، بإنشاء قائمة سوداء خليجية موحدة بهدف تحديد الاشخاص المطلوبين والمنظمات «الإرهابية» من خلال ادراجهم على القائمة، ومن ثم تتخذ في حقهم كافة الإجراءات اللازمة استنادا إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس، والقوانين الدولية المماثلة.وأخيرا أنا على يقين وثقة بالله تعالى قبل كل شيء ثم بدول الخليج وأجهزتها الامنية التي تمتلك القوة والإرادة والخبرة في الحفاظ على أمننا واستقرارنا.* كاتب