د. منيرة المهاشير

«واحد / صفر»

هذا الأسبوع سمعت مفردة «الصفر» وشعرت بها ورأيتها أكثر من مرة، أمر غريب جداً حين تمر بك المفردات وكأنها بشر، لتشعرك بقيمتك الانسانية، أو تشعرك بأن المستحيل يحصل وأن النهاية كبداية للانطلاق أقرب مما تتخيل.بأذني سمعت تعليقا لمسؤول نقل على قناة العربية ويبدو مطمئناً لسوق النفط بأن الاسعار وصلت للقاع أو الصفر وأنها نهاية وبداية مبشرة لانفراجة مقبلة «صفر ممتاز». في مقابلة البدلات والرواتب أيضاً شعرت بالصفر «السلبي» ولم أسمعه وكان محبطاً لي، الصفر الاول حين تمثل «الشريان» في دور المواطن السعودي في تعليقاته وأسئلته وكأننا جهلة لا نستطيع قراءة البيانات أو فهمها، وبدا متواضعاً امام الضيوف ولو كان الرسم البياني لموظف «كحيان» لانتفض بالورق ونفضه بحثاً عن اجابات، «صفر خطير» كانت مقارنة التصنيف الائتماني والتصنيف الاستثماري بتفضيل الأول على الأخير، وليكون التعليق الختامي بسيناريو الافلاس علامة استفهام «صفر كبير» لكل الافكار والمؤشرات التي وردت في الحلقة، والتي سعت لها الدولة منذ انطلاقة الرؤية مشتتة ومهددة «التصنيف والوضع الائتماني» أمام كل المستثمرين المتوجسين. «صفر» آخر شعرنا به هو ساعات عمل المواطنين المربوطة بإنتاجيتهم والتي كانت «صفرا» من العيار الثقيل لبيئة العمل السعودية أمام كل بيئات العمل الاستثمارية التي كنا نأمل أن تسهم في تشغيل ودفع عجلة التوظيف في القطاع الخاص. حين انتهت المقابلة كان من الواضح فرق وأثر الخبرة والحنكة الادارية في تفاوت اجابات الضيوف ولربما حاز أحد الضيوف على اعجابي لانه آثر المداخلة على التصدر في الحديث لاسيما في التعليق مدافعاً عن استثمارات الدولة في بناء الجامعات باعتبارها ضرورة وليست ترفاً مدفوعة بدراسات التخطيط واحتياجات المواطنين والمناطق «هكذا قال لي عقلي الباطن» لأنه لسبب ما لم يكمل تعليقه. المواطن «المدلع» والمدلل تفاجأ في هذه الحلقة بأمور عدة لها علاقة بأمنه الانساني، بانتاجيته، «بتقاعده» والتوجه للربط بالمعدل بدلاً عن آخر «مربوط»، وضرورة أن يكون له اتحاد أو هيئات عمالية للدفاع عن دور كان يفترض أن يقوم به مجلس الشورى. تركتني هذه المقابلة أمام الاعفاءات التي حلت بعدد من موظفي الدولة لا لأنهم ليسوا خبرات أو يفتقرون لمهارات العمل، لكن لأن التعامل مع الجمهور أمر يستدعي الكثير من الاستعداد والمهارة والفطنة، وكله من الممكن معالجته بالتدريب والتمكين. أمر أخير هو المواطن السعودي الذكي الذي لا يمكن أن يتيح لأي كان التصيد في مثل هذه الظروف وإن كثرت التحديات والمنغصات، والذي لا يرضى أن يتحول النقد لأي مسؤول سعودي لثقافة التفتيش عن عوراته وعيوبه لأن النهاية حتماً «أصفار». لابد أن يذكر أنه الشريك الأول للدولة في كل مؤسساتها وقطاعاتها وبدونه لا توجد رؤية أو وطن، ليظل دوماً الرقم واحد.