د. منيرة المهاشير

شمسنا رؤيتنا ومستقبلنا «2 3-»

لماذا الإصرار على تنويع الاقتصاد والاستقلال عن النفط، لأسباب كثيرة نركز الآن على دورة النفط وقيمته وحاجة السوق الدولي المؤثرة على سياسة الإنتاج الكيفية لا الكمية. ولا بد أن نقرن هذه المعطيات بفكرة أساسية هي أن النفط تضاعف سعره وتضاعف إنتاجه، وقاعدة الزيادة هذه لم تتوقف عند النفط فكل شيء تضاعف في وفرته وتضاعفت أسعاره. وليكن المثال الأقرب الأراضي والبيوت، كانت تباع قبل عشرين عاما بقرابة المائة والخمسين ألفا، وأفضل منزل فخم قد يكلفك النصف مليون، هذه القيمة لم تعد موجودة فأنت تشتري ربع مساحة منزل بقيمة تضاعفت لثلاثة إن لم يكن أكثر، وقس على العقار بقية السلع الاستهلاكية والاحتياجات الاساسية (الغذاء، الدواء، الرعاية الطبية، الدراسة، والبنزين)، حتى تكاليف استئجار العمالة والاستقدام تضاعفت لأرقام فلكية، رغم أن المنتج لم يتغير إن لم يكن اقل مستوى عن سابقة، المدارس الخاصة كمثال اضافي تضخمت أقساطها مقارنة بازدحام الطلاب وضعف مخرجاتها التعليمية. ومع انخفاض البترول وموجة التصحيح كنا نتوقع تصحيحا في كل السلع والخدمات (لن يكون) لأن الواقع يشير الى ان هذه السلع قد تنكمش لكن لن تنخفض وستعود للارتفاع مع تنامي الطلب وازدياد السكان. أسعار البترول من جهة أخرى تدور في دورة مدفوعة بظروف سياسية واقتصادية واحيانا مناخية اقليمية وعالمية، هي دورة أشبه بدورة السنابل في قصة النبي يوسف، سبع سمان وسبع عجاف، وليكن القارئ محيطا بالدورات البترولية فلا بد من مراجعة أسعار وأحداث منطقة الشرق الأوسط لتحديد معدل قريب لمدة دورة الانخفاض والارتفاع، واقتباسا من جريدة الرياض على سبيل المثال قد أفضت الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية إلى زيادة أسعار النفط الخام لأكثر من الضعف من 14دولارا للبرميل في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولارا للبرميل عام 1981، (4 سنوات سمان) بعد ذلك منيت أسعار النفط بانخفاض خلال الفترة من 1983- 1985م وحاولت الأوبك وضع حصص إنتاج منخفضة إلى مستوى تستقر عنده الأسعار. لكن هذه المحاولات لم تفلح بسبب أن معظم أعضاء المنظمة كانوا ينتجون كميات أعلى من حصصهم (وضعنا الآن)، بيد أن الأسعار انهارت في منتصف عام 1986 إلى أقل من 10دولارات للبرميل. ومنذ عام 2005م قفزت أسعار النفط بسبب الأعاصير والعوامل الجيوسياسية مما أدى لضعف الدولار الأمريكي، ولا بد من ربط ارتفاع سعر البترول وانخفاض سعر الدولار بتآكل مدخولات الدول من البيع وتضررها بسعر الصرف.في تقرير سابق رصد مصرف ستاندرد تشارترد البريطاني تغير السياسة النفطية السعودية، حيث أشار إلى أنه في عهد الملك فهد - رحمه الله- كانت السياسة النفطية تعتمد على الدفاع عن حصة النفط على المدى البعيد، أما في عهد الملك عبدالله - رحمه الله- فأصبحت تركز على تحقيق عوائد كبيرة من النفط، والناتجة عن النمو الهائل للسكان. داعيا لتحولها في هذه الفترة لسياسة دعم الأسعار، والسعر العادل لكن هل هذه الدعوة مناسبة لرؤيتنا.