عبدالرحمن العومي

قانون جاستا

في سابقة خطيرة في علاقات الدول ابطل مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء الماضي وبأغلبية 97 صوتا مقابل 1 قرارالرئيس باراك اوباما (الفيتو)، على مشروع قانون (Justa) المثير للجدل الذي يسمح لعائلات قتلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة المملكة العربية السعودية.وحقيقة تعريف قانون جاستا في موقع الكونجرس الامريكي انه لا يقتصر على المملكة العربية السعودية، هذا القانون يعطي الحق للمواطن الأمريكي رفع قضية لدى المحكمة الفيدرالية الأمريكية ضد دول متهمة بوقوفها خلف عمليات ارهابية، وبالتالي يعطي الولايات المتحدة الأمريكية حق الاقتصاص من تلك الدول، والخطير في الأمر ان هذا القانون ضد عدالة العقل، فالمنطق يقول انه لا يكون الخصم هو الحكم والا فإن الأحكام ستكون انتقامية، وبالتالي تشيع الفوضى لان هذا القانون يكرس قانون الغابة الذي يسمح للقوي ممارسة قوته بغض النظر عن الحق والباطل.يدرك الجميع والأمريكيون قبل غيرهم ان هذا القانون الغرض منه ابتزاز الدول والاستيلاء على أموالهم بالقوة، وما هذا القانون الا ذريعة واهية لامريكا لتبرير افعالها. وهذا يعيد علامات الاستفهام من جديد حول احداث 11 من سبتمبر، هل هي عملية ارهابية ام عملية استخبارية خططت من قبل الأمريكان، لإعطاء امريكا ذريعة لشن الحروب وتدمير الدول وفي النهاية مصادرة أموال الدول الأخرى.والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف تتعامل السعودية مع هذا القانون؟ الى الآن لا يعلم احد ماذا يدبر للسعودية وكيف ستجري الأمور؟ وهل المطلوب ثمن سياسي او ثمن مالي؟ واذا كان ثمنا ماليا فكم تقدر التعويضات التي تطالب بها امريكا، خصوصا اذا علمنا ان احد اعضاء الكونجرس كان يطالب ايران بعد ثبوت تورطها في احداث 11 سبتمبر بمبلغ يفوق 300 مليار دولار، وهل معقول ان يطلبوا من السعودية مبلغا مثل هذا او اقل او اكثر وما هو رد السعودية، هل ستسحب السعودية اموالها من امريكا وهل ستسمح امريكا بسحب هذه الأرصدة؟ وما المطلوب من السعودية فعله الآن؟.اعتقد المطلوب فعله الآتي:1- محاولة خفض التجارة مع امريكا حيث يؤشر الميزان التجاري لصالح امريكا، اذ اننا نستورد منهم ما قيمته 96 مليار دولار ونصدر لهم ما قيمته 86 مليار دولار، لكن اغلب الواردات الأمريكية لها بدائل، وصادراتنا لهم في الأغلب منتجات بترولية قد لا يجدون لهم بديلا مناسبا.2- تقليل الاعتماد على الدولار وذلك باستبدال الدولار الامريكي بالعملات الأجنبية الأخرى في بعض التعاملات، فمثلا ان نتعامل مع الصين بعملتهم ومع اليابان بعملتهم ومع اوروبا بعملتهم وبذلك نخفف اعتمادنا على الدولار.3- تكوين احتياطي نقد اجنبي من العملات الأخرى وربط الريال السعودي بسلة عملات.4- محاولة سحب الأرصدة السعودية في امريكا وتقليل قيمة الصندوق السيادي الذي في الحقيقة لم نجد له دورا فعالا في دعم الاقتصاد الوطني.5- زيادة الاحتياطي من الذهب الذي سيحافظ على قيمة صرف الريال مقابل العملات الأخرى.6- البحث بجدية عن شركاء تجاريين جدد خصوصا في امريكا اللاتينية والدول الآسيوية الكبيرة.7- زيادة الاعتماد على الذات خصوصا في السلع الإستراتيجية مثل الغذاء والدواء.8- الاهتمام بالصناعات العسكرية والبحث عن شركاء جدد في هذا المجال.9- تتبنى رؤية 2030 زيادة الدين العام الى 30% مع زيادة الأموال في الصناديق السيادية الى 2 تريليون دولار، اعتقد الآن هذه الخطة تحتاج الى تعديل فأي اموال في الصناديق الدولية معرضة للمصادرة، فبالتالي من الأفضل ان يمول العجز الآن من الصناديق السيادية وعدم تحميل الاقتصاد السعودي اي دين.10- ان التفكير في بيع اي حصة من شركة ارامكو يعتبر مغامرة كبيرة، فالأفضل الاحتفاظ بكامل السيادة حتى تتبين خلفيات وقانون جاستا.