وليد السليم

وجاء دور القطاع الخاص

القطاع الخاص في أي مجتمع يعتبر القلب النابض والرافد الأهم للحركة التنموية، وازدهاره أو انخفاض أدائه يعتبر المؤشر على القوة الاقتصادية أو ضعفها، ويبقى القطاع الخاص هو الأكثر جذبا لرؤوس الأموال والأوسع استيعابا للقوى العاملة والأعمق تأثيرا وتحريكا للتجارة بمختلف مجالاتها.وعندما ننظر للقطاع الخاص في مجتمعنا، سنرى -بوضوح- حجمه المؤثر ونموه التصاعدي وتنوع اهتماماته، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن هذا القطاع يعمل في بيئة آمنة ومحفزة ويحظى بمميزات ودعم قل أن تجد لها نظيرا في كثير من دول العالم. هذه السنوات الطويلة التي استمرت لعقود كان هذا القطاع ولا يزال يعيش في أزهى مراحله بل كانت حقبة ربيعية مفعمة بالاستقرار الدائم والنماء المتواصل.وأعتقد أنه آن الأوان ليقوم هذا القطاع المهم بدوره في المجتمع، فليس معقولا أن يقل أثره المجتمعي في وقت الرخاء ثم ينعدم وقت الشدة.القطاع الخاص مطالب بمبادرات سريعة وإيجابية للمجتمع الذي نشأ فيه وحقق أرباحه من خلاله وتطور حتى أصبح عملاقا اقتصاديا يتجاوز الحيز والنطاق الإقليمي إلى ما هو أبعد.ولا يخفى أن القطاع الخاص ليس جزءا منفصلا أو منعزلا، فهو جزء متجذر في المجتمع، والقائمون عليه هم من أبناء مجتمعنا، وعندما نطالبهم بالإسهام في مجتمعهم بالقدر المطلوب الذي يحتمه الظرف وتتطلبه المرحلة من باب حق المجتمع عليهم، في الوقت الذي يحسن عدم تحميل هذا القطاع ورجاله أكثر من طاقتهم ومقدرتهم كذلك، فالتوازن مطلوب جدا في هذا الوقت.هذا التصور في الدعم المطلوب والمتوازن من القطاع الخاص، ينبغي أن يكون دافعية ذاتية ومبادرات شخصية وفق آليات محددة وواضحة، يمكن قياسها ضمن مؤشرات تبين مقدار ونوعية وطبيعة الدعم، مقارنة بالحجم السوقي لكل شركة ومؤسسة.ويتساءل الكثير من المراقبين والمحللين عن عدم انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية والسيارات -كمثال- في الوقت الذي انخفض فيه الين الياباني واليورو الأوروبي أمام الدولار بنسبة 30%، وحين تنقل الأنباء انخفاضا ملموسا لهذه السلع عالميا ولا نلمس هذا الانخفاض لدينا فبالتأكيد أن هناك مشكلة ما هذا إذا علمنا ارتباط الريال بالدولار وثبات سعر الصرف منذ سنوات طويلة.ثمة أمر آخر يتعلق بالبنوك والتي ما زال دورها المجتمعي أقل بكثير من المأمول، وهي مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى بحزمة قرارات ترفد فيها المجتمع، وأبسطها إعادة جدولة قروض المواطنين، وهذا أقل ما يمكن أن تبادر به هذه المؤسسات المالية الضخمة، في هذه المرحلة، وهذا جزء بسيط جدا لما ينبغي أن تساهم به في المجتمع.نحن في مرحلة تحتاج إلى أن تتوجه الجهود لتصب في مصلحة الجميع، وهذا لن يتحقق إذا تجاهل القطاع الخاص دوره المطلوب، فمعدن هذا القطاع بكافة مؤسساته يظهر في مثل هذه الأوقات، وإن كنت أتمنى أن تبدأ المبادرات منهم بشكل تلقائي قبل أن تكون ملزمة.