د. منيرة المهاشير

مخرج طوارئ

كتبت هذه المقالة وأعدت كتابتها، أليست صفحات حياتنا تستحق الكثير من الكتابة والعمق في التفكير والخيارات والكلمات. السنة الدراسية بدأت ورغم طول هذه الاجازة فعدد لا بأس به لم يتمتعوا بها، كانت فترة عمل بالنسبة لهم، وبقدر ما هم الآن بشوق للراحة فهم في لهفة لقياس نتائج عملهم ومعالجة اي خلل.نموذج جيد لكنه كالكريات البيضاء ينشط في الأزمات فقط لأن ثقافتنا تقوم على التنفيذ لا التفكير الحر، وليكن هذا الوضع الأفضل الذي اعتدنا عليه ولم نستطع تغييره، فرأس النعام مازال يستطيب ظلام ودفء التراب خلف اي شماعة لأي رئيس ينجح في فتح اول مخرج طوارئ وإن كان دون سلم.نموذج آخر لن تخلو منه جهات العمل هذا العام هو الرئيس الإيجابي لحد الكذب، والذي سيغرق الجميع بوعود وتصورات ليغرقك في لجة بحر من البطولات، لا يستطيع ان يعترف بالتقصير لكنه يستطيع ان يلقيه عليك أوعلى غيرك ان اضطرته الظروف، وان لم تضطره فقد يقوم به ايضا لنقل من باب المتعة او الغيرة أو التصفية، أسمعتم بالغيرة العمياء، هي ابنة عم العدالة العمياء كلاهما مظلم. هذا الرئيس لن يستطيع ان يبرز او يحظى بالتقدير لأنه سيحرص على انتزاعهما من غيره، وان كان هو نفسه، مخرجه، سمعته، سمعة الدائرة، الخ الضحية! وهو لا يدرك معنى الوقت او حساسيته - فمكتبه مكتظ بأماني ومعاملات المواطنين وما لا ينجز اليوم يكون غدا، أهم شيء ان يكون اسمه في كل ورقة، ولجنة، وبدل، بل قد يستشهد بالورق المكتظ كدلالة أعماله التي تهد الجبال. إن كنت ممن يعيشون مثل هذه المعاناة فاعلم أنك لست وحدك وان ابسط وانجح مخارج التغلب على بيئة عمل كهذه هي ان تجعل كل يوم صفحة بداية للعمل الخلاق والانجاز المتميز والأماني الطيبة والتجاهل فان نصف النجاح التغابي، كما انك لا تستطيع العيش وحيدا في صحراء او منقطعا في جزيرة وحدك، حاول ان تسامح وذكر نفسك أن أقصر لعبة عرفناها صغارا وكبارا هي لعبة الموسيقى والكراسي، تذكرها جيدا. وان فشلت في التسامح فلا تفشل في التعايش «فان الصدر المملوء بالشرف والفضيلة لا يحتاج الى وسام يتلألأ فوقه» فكن «زاهدا فيما سيأتي، ناسيا ما قد مضى».عام جديد بلا شك لمدمني الشاي والقهوة فالكثير من المكاتب ستعود للعمل وستضج الحياة بالاشاعات والكافيين، والأخبار وسيكون هناك من ينتظر سواء قائد يثق بالمجاميع أو مراجع مغلوب على أمره لكن لم العجلة والاستعجال؟، أمامنا عام باكمله يفترض أن يكون سعيدا وبدون منجزات. المنجزات والحفلات والاستعراضات والمسابقات سنكون أفضل من يسوق لها، وان كانت جوفاء لا تتجاوز قيمتها قيمة الورق الذي كتبت عليه، لكنه بروتكول اعتدنا عليه ولا بد من وجوده وان كان حجم المخرج لا يليق بقدرات المؤسسات ومستوى الدولة، لكن من يستطيع ان ينبش الكنوز المفقودة، ويحول العبء لنجاح، يبدو قلة لهذا ننظر لمخرج الطوارئ.