د. عبدالعزيز الأحمد

ليت.. مابعد الثمانين..!

طبيعة الإنسان مثل طبيعة الكائنات الأخرى في الكون والحياة. تأمل الشمس والقمر يظهران بشكل صغير ثم يكبران ويكبران.. ثم يصغران بعد ذلك، ثم يضعفان ثم يختفيان، كذلك الليل والنهار وغيرها من الموجودات، والإنسان يولد صغيرا لا يعلم ولا يقرأ، يُحمل وينظف، ثم يكبر فيفطم ثم يحبو ويمشي فيركض ويلعب ويلهو ويتدرج صبيا ثم فتى فشابا ثم كهلا فشيخا ثم يهرم حينها يضعف السمع والبصر والجوارح والقدمان وتسقط الاسنان وتشيخ الذاكرة.قال أبو الأسود الدؤلي:أفنى الشباب الذي أفنيت جدته كَر الجديدين من آت ومنطلق لم يتركا لي في طول اختلافهما شيئا أخاف عليه لذْعة الحدق وتبقى الروح بها ثلمات الماضي وتعرجاته ومن ثم تبرز أمنيات ما بعد الثمانين بقولها المتردد « ياليت» فخذها مختصرة مجموعة من أفواههم نطقت بها أرواحهم:١. الحياة أقصر من غمض جفن أو رمش عين أو فتح باب أو اغلاقه.. فالزمن يعمل فينا ونحن لا نحس، ومرور يوم بدون حوادث ومكدرات نعمة فاسأل الله كل صباح خيره واشكره في مسائه وكذلك في ليلته. ٢. لا تؤخر عمل الخير مادمت قادرا.. فستأتي عليك أوقات وأعمار لا تستطيعه لضعفك أو مرضك أو شيخوختك وخاصة التبكير للصلاة وقراءة القرآن والصدقة وصلة الرحم والاحسان للاقارب والجيران.٣. تباعد عن عمل الذنوب والأخطاء فإنها تملأ القلب ظلمة وقسوة ووحشة وتنهك الروح والجسد.. فهي وباء مع الزمن تقتل «حياتك الطيبة».٤. لا تهملْ بر والديك وجلوسك مع أولادك... فوالداك قد يفوتانك بموت ورحيل.. وأولادك قد تبتعد عنهم بأشغال أو مرض أو موت.٥. خطط لحياتك ومتطلباتها ووازن بين حقوق ربك ونفسك وأهلك ومجتمعك.. واعمل بذلك وكن مرنا واقعيا.. طالبا للكمال متقبلا لما قسمه الله لك بعد بذل استطاعتك. ٦. نظم غذاءك ونومك وليكن صحيا مفيدا لجسمك فتنظيم الغذاء وصحته قوام الجسم الصحي وتنظيم النوم والتبكير فيه قوام توازن الذهن والتركيز.٧. الابتعاد عن كثرة الشره والزعل والغضب وذلك بالبعد عن مسبباته بأخذ الناس على سجيتهم وقبول ظواهرهم وعدم كثرة الجدال العقيم وقبول الاعتذار، وتدريب النفس على الحلم والصفح «فالناس لايكمل فيهم شخص» مثلك تماما ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبهإذا أنت لم تشرب مرارا على القذا ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه تعاملك بهذه الروح المتسامحة يقيك أو يقلل لديك بعد الخمسين «الاضطرابات النفسجسمية» كالقولون والقرح والضغط والسكر والأرق والقلق.. الخ.٨. كن عاملا منطلقا منتجا طموحا متفاعلا إيجابيا متحركا رياضيا فالعمل يملأ حياتك بجمال العطاء.. والحركة تجدد فيك الدماء؛ بينما الفراغ والكسل يجلب لك الوسواس وكثرة الأوهام.. وما وجدت مما يستشيرني من مراجع أو مريض متوهما أمراضا إلا كثير الجلوس والوحدة بلا فائدة، ولكن ليكن عملك حسب ميلك وتلبية لطموحك باعتدال؛ فجسمك له حق الرعاية والوقاية فربما انهكته بشبابك.. فبخل عليك في كبرك خاصة « قلة النوم»، أو تناول الاطعمة بلا تنظيم أو تناول المسكرات والمخدرات والدخان!٩. لا تفْرط باليأس ولا تفرّط بالأمل ولتحيا بروح التفاؤل ولا مستحيل بالحياة ودوام الحال من المحال فلا شدة بقيت ابد الدهر ولا نعمة حلت طوال الزمن والتغير والتبدل والتداول طبيعة الكون والانسان والحياة (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار).هذه بعض أماني الأحياء أما في وداع الحياة ويوم القيامة.. فأدعها في مقال قادم بإذن الله.