وليد السليم

(سيلفي) الفئران في متجر تمويني!

التقطت عدسة جوال أحد الزبائن المتسوقين في أحد متاجر الأحساء عبر مقطع فيديو فأرا يتجول بصورة مقززة بين السلع التموينية في مركز يصنف من (الهايبر ماركت)، ذلك المقطع الذي انتشر الأسبوع الفائت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة واتساب وتويتر.الغريب في ذلك المقطع المتداول بشكل كبير أن ذلك الفأر القضية كان يتجول على الأرفف الحديدية الواسعة التي تحمل المواد الغذائية بكل حرية ويتنقل بين الكراتين بكل رشاقة ولياقة، الفأر كان يقف بثبات مقابلاً لمصور المقطع مرتين ومواجهاً لهذا الزبون الذي وثق المشهد دون خوف أو وجل بعكس طبيعة هذه القوارض الخبيثة التي تهرب من الإنسان وتختبئ في وقت قياسي، كان ذلك الفأر يقف بكل أنفة وثقة وكبرياء مرتين أمام الكاميرا وكأنه يطلب من المصور التقاط صورة (سيلفي) معه مما يؤكد أن تلك الفئران اعتادت التحرك في ذلك المركز التمويني وألفت وجود الإنسان فيه، وهي بالطبع كنتيجة اعتادت فيما يبدو التجول حتى مع وجود عمال ذلك المتجر وأضحت تتحرك في المكان وكأنها من (أهل الدار)، إذ إن انعدام المهددات تجاهها وطول المكث وتوافر المأوى والوجبات المتنوعة كون لديها مع الوقت شعوراً بالأمان، فالمسألة تجاوزت طبيعة الفئران المذعورة المختبئة والمطاردة إلى أن تحول الموضوع مع الزمن لها في ذلك المتجر الغذائي إلى مسألة عشرة و(عيش وملح).ثمة أمر آخر وهو أن المقطع لم يوثق تحرك الفأر بجوار أو على أكياس الأرز والسكر المكدسة والمتراكمة القريبة، بل بين سلع غذائية جديدة أخرى، وكأن الفأر قد سئم من ذلك الطعام المعتاد وأراد أن يجرب أنواعاً مختلفة بنكهات جديدة أو لعل الفأر تميز بالتنظيم الغذائي لوجباته الثلاث فالإفطار في قسم الأرز والسكر والغداء من كراتين الأرفف الواسعة والعشاء و(الحلى) من الثلاجات المفتوحة!وبالتأكيد فليس مقبولاً بأي حال رؤية أو وجود حشرات صغيرة زاحفة أو طائرة في مركز تمويني فضلاً عن رؤية ووجود قوارض بشعة وقذرة بهذا الشكل الفاضح، فنحن لا نتحدث عن فئران الحقول الزراعية التي رغم سوئها وخطورتها إلا أنه لا يستغرب وجودها في تلك الأماكن نحن نتحدث عن فئران تتجول في واحد من أكبر المراكز التموينية في المدينة والتي تحتل موقعاً تجاريا بارزاً ولا تكاد تخلو من الزبائن خلال 18 ساعة في اليوم الواحد.هذا التلوث البصري والبيئي والصحي والأخلاقي القيمي، الذي خرج به كل مَنْ شاهد ذلك المقطع باعتباره أمراً مؤسفاً بكل تأكيد ويدل على إهمال منقطع النظير من ذلك المتجر الموبوء إدارة وإشرافاً ومتابعة واهتماماً وعناية ونظافة.والذي أثار استغراب وحفيظة وغضب كل مَنْ شاهد ذلك المقطع أن مجموعة الفئران لم تكن في مستودع لمواد البناء على سبيل المثال لربما كان الأمر أهون بكثير، بل المصيبة هي وجود هذه القوارض الناقلة للأمراض الخطيرة في مركز تمويني يرتبط بغذاء الناس وطعامهم، وهنا تكمن المشكلة حين تصبح صحة الإنسان - وهي أغلى ما يملك - مهددة بهذا الشكل الصارخ.