خليل الفزيع

ثقافة التطوع.. إرادة جمعية

التطوع بمعناه الشامل دلالة واضحة على انحياز الفرد لخير المجموعة، انطلاقا من القناعات الذاتية، ووصولا إلى تعميم الفائدة من هذا الجهد الفردي، ليتحول إلى إرادة جمعية تعبر عن وعي المجتمع من خلال وعي أفراده، وفي الدين الإسلامي إشارات واضحة إلى وجوب العمل التطوعي، والتعاون بين أفراد المجتمع فيما يحقق الخير لهم ولغيرهم من المسلمين وغير المسلمين، فلا غرابة أن تحظى فرق التطوع بهذا الاهتمام في المجتمع الإسلامي، ليس في المجال الديني فقط بل وفي جميع المجالات التي تؤدي إلى قوة المسلمين وقدرتهم على العطاء الإنساني المتواصل، وانسجامهم مع المجتمع البشري تأثيرا وتأثرا، وما من عمل يهدف إلى الخير، إلا وله الأجر والثواب بإذن الله، وامتثالا لتعاليم الدين الحنيف، ظهرت في بلادنا كما في بقية بلاد المسلمين فرق التطوع المختلفة، الهادفة لخدمة الفئات المستهدفة من عملها التطوعي. وفي الأحساء كما في مدن أخرى من بلادنا العزيزة توجد فرق تطوعية عديدة ساعدت في التغلب على مشكلات اجتماعية مختلفة، كما كانت عونا للدولة في الاداء الخدمي الجماهيري، ومنها فريق «سالك» ببلدة الجشة التابع لنادي الروضة الرياضي، وهو أحد الأندية التابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب بمحافظة الأحساء، ويهدف الفريق إلى الإسهام الفعال في تنمية المجتمع في شتى المجالات، ورسالته توعية وتثقيف جميع أفراد المجتمع ليكونوا لبنة صالحة لخدمة الوطن والمواطنين. وتحقيق الأهداف المعلنة للفريق، ومنها السعي إلى زيادة الترابط الاجتماعي، وتقديم البرامج التطوعية الشاملة والمفيدة، والاهتمام بالشباب من خلال تدريبهم وتثقيفهم وتأصيل قيم العمل التطوعي في نفوسهم، وقد حقق الفريق منذ إنشائه الكثير من الأعمال التطوعية من خلال المشاركة في المناسبات الوطنية، وحملات تنظيف شاطئ العقير والتعاون مع المؤسسات والجمعيات الرسمية والأهلية من أجل خدمة المجتمع، وفي رمضان يقوم الفريق بتوزيع وجبات الإفطار على المسافرين عبر طريق قطر الدولي - مفرق الجشة، ضمن مشروع إفطار الصائم الجوال، خلال الشهر الكريم، والمعروف أن هذا الطريق يشمل القادمين والمغادرين من وإلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان أيضا، وليس قطر فقط، ولا تزال أعمال الفريق تتوالى، وكان الفريق في ضيافة سمو أمير المنطقة الشرقية يوم الاثنين الماضي حيث استمع الجميع لتوجيهات سموه، وإشادته بعمل الفريق عندما قال: (إن فريق «سالك» التطوعي نموذج يحتذى به للشباب الذين سخروا جهودهم وأوقاتهم لخدمة الدين ثم الوطن)، وقال الأستاذ سعود الشعيبي الرئيس الفخري للفريق: (إن توجيهات سمو أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف وسام على صدورنا، نعتز بها جميعا، وهي دعم للفريق وحافز لأعضائه لبذل المزيد من الجهد من أجل خدمة الدين الحنيف والوطن العزيز). ولا شك أن إنجازات هذا الفريق تقدم مثالا مشجعا للشباب للانخراط في العمل التطوعي المنظم الهادف لخدمة الجميع احتسابا للأجر والمثوبة، وتلبية للواجب الوطني، وانسجاما مع التوجهات الإنسانية التي يؤكد المواطن من خلالها حرصه على وطنه ومواطنيه، ولا شك أن إبراز جهود الفرق التطوعية، بصفة عامة، هو مسئولية وطنية على الإعلام أن يلتفت إليها بكثير من الاهتمام، للتعريف بأعمالها، من ناحية، ولتعريف المتعاونين معها بإنجازاتها، من ناحية أخرى، لتكون دافعا قويا لهم ليواصلوا دعمها بما يمكنها من الأداء التطوعي المثمر وبالشكل الذي يراه المشرفون عليها. وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ سعود الشعيبي الرئيس الفخري لهذا الفريق هو في الوقت نفسه الرئيس الفخري لفريق «فنار» التطوعي، والذي أرجو أن نتحدث عنه في لقاء آخر. وبالله التوفيق.