عبدالرحمن العومي

تذبذب العملات وأسعار السلع

مع انخفاض أسعار النفط واستقراره عند حوالي سعر 40 دولارا خلال التسعة الأشهر الأولى من سنة 2016م أعطى قوة لسعر الدولار مقابل العملات الأخرى الرئيسية مثل الين الياباني واليورو والجنيه الإسترليني الذي تعرض لخسائر كبيرة خلال الأشهر القليلة ‏التي تلت الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها أغلب دول العالم وانخفاض النمو للاقتصاد الصيني الذي وإن لم يتأثر كثيرا بارتفاع سعر الدولار إلا ان أسعار السلع المنتجة بالصين تأثرت بتباطؤ الاقتصاد العالمي. ‏إذن هناك تقهقر وتذبذب لأغلب العملات الرئيسية مقابل الدولار الذي ازداد قوة مع انخفاض أسعار البترول الذي يرتبط به ارتباطا عكسيا حيث تزيد قيمة الدولار مع انخفاض البترول وتنخفض قيمته مع ارتفاع البترول.لو رجعنا إلى الوراء 10 سنوات وقارنا أسعار السلع والعملات التي ارتفعت مع ارتفاع البترول وضعف سعر الدولار نرى أن السيناريو ‏يسير بنفس الطريقة لكن بالعكس فهناك انخفاض حاد للبترول وارتفاع كبير للدولار مقابل العملات الأجنبية الأخرى، طبعا ارتفاع الدولار ‏يرفع قيمة الريال السعودي المرتبط بالدولار عنده سعر 3.75 ‏مقابل العملات الأجنبية، هذا الارتفاع كان له أثر في انخفاض سعر الواردات للمملكة العربية السعودية وهذا واضح من خلال الأرقام التي أوردتها الهيئة العامة للإحصاء، حيث ذكرت ان قيمة الواردات في الربع الأول من عام 2016 بلغت (140501) مليون ريال مقابل (163877) مليون ريال خلال الربع ‏الأول من عام 2015 ‏بانخفاض مقداره (23376) ‏مليون ريال، أي بنسبة 14.3% ‏عن الربع الأول من عام 2015م.‏حقيقة لم تبين الإحصاءات السبب الحقيقي هل هو في السعر أو في الكمية، لكن المتوقع أن الانخفاض ناتج عن الأسعار وليس الكمية المستوردة، وهذا واضح من حجم المستوردات خلال السنوات الماضية حيث إن كمية المستوردات ‏غالباً بازدياد بنِسَب ومعدلات ثابتة، لكن ‏الأسعار هي التي تتغير ‏بنِسَب ومعدلات مختلفة، وإذا افترضنا أن انخفاض أسعار الواردات ناتج عن انخفاض الأسعار ‏ومن خلال مقارنة الربع الأول من سنة 2016 بالربع الأول من سنة 2015 فمن المتوقع أن يكون الفرق في أسعار السلع المستوردة مع نهاية 2016 مقارنة بأسعار السلع المستوردة بنهاية سنة 2015 حوالي 100 مليار ريال، ‏ومع ثبات أسعار السلع في الداخل ‏فهذا يوضح أن هناك 100 مليار ريال ‏زيادة في هامش الربح ذهبت إلى التجار من جيب المستهلك الذي تضرر بانخفاض سعر الريال مقابل العملات الأجنبية في الماضي وبالتالي ارتفاع أسعار الواردات ولم يستفد من ‏انخفاض أسعار الواردات وارتفاع قيمة الريال في الوقت الحالي، علما بأن انخفاض السلع شمل أغلب السلع المستوردة من الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية ومعدات النقل مثل السيارات وغيرها، والمعادن والذهب والمنتجات النباتية والحيوانية والأنسجة والملابس.‏هذا يوضح أن الانخفاض شامل جميع السلع بمختلف القطاعات وأن جميع التجار استفادوا من هذا ولا يستثنى أحد من ذلك، في المقابل نرى أن السلع في الأسواق ‏لم تستجب لهذا الانخفاض وما زالت أسعارها ثابتة بل أن أسعار بعض السيارات شهدت ارتفاعا مبالغا فيه.‏الحقيقة هناك دور على وزارة التجارة التي قد تكون مطالبة بمحاربة جشع التجار ووضع نسب ربحية معقولة لا يتضرر منها المستهلك ولا التاجر، خصوصا أن المستهلك قد يكون تضرر من انخفاض البترول وتقشف الميزانية ورفع الدعم الحكومي أو تقليله عن بعض السلع مثل البنزين والكهرباء والمياه وقلة عرض الفرص الوظيفية خصوصاً ‏في القطاع الخاص المرتبط ‏بعقود مع الحكومة، وقد رأينا أزمة الرواتب التي عانى منها قسم من المواطنين ولم نر ‏التحرك المطلوب من وزارة العمل لحل هذه المشكلة.الآن.. مطلوب من وزارة التجارة التحرك وتقييم أسعار السلع مقارنة بالأعوام السابقة في ظل انخفاض أسعار هذه السلع عالمياً خصوصاً السلع الأساسية التي تمس رغيف عيش المواطن.