عبد اللطيف الملحم

لماذا قبل أنور عشقي دعوة لزيارة إسرائيل؟

لم يسبق لي أن التقيت اللواء المتقاعد أنور عشقي وعرفته من خلال مقابلة له في محطة «بي بي سي». ولا أرغب في إعطاء رأيي في أسلوب طرحه لكي لا أدخل في منحنى آخر ليس له علاقة بالمقال. وفي الأيام القليلة الماضية أصبح السيد أنور عشقي جزءا من أحاديث تخص العلاقة العربية - الإسرائيلية بعد حلقة نقاش مع مواطن إسرائيلي تلتها زيارة التقى فيها شخصيات فلسطينية وإسرائيلية. ولكن لمَنْ يعرف بواطن الأمور، فقد كان التحفظ والمعارضة ليس على الزيارة، بل إن التحفظ والمعارضة هما على مَنْ قام بالزيارة وأسلوب حديثه وتعامله مع الزيارة. وتعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الحدث بنوع من اللهفة بدا واضحا أن هناك مؤسسات إسرائيلية رسمية وغير رسمية تريد أن تقابل أي مواطن سعودي حتى لو لم يحمل أي صفة رسمية. ومعلوم أن السيد أنور عشقي ليس أول مواطن سعودي تقوم جهات إسرائيلية بدعوته، بل إنني تلقيت أكثر من دعوة لزيارة إسرائيل، ولكن أقابلها بالرفض رغم إعطائي سقفا عاليا من مساحة ما أرغب في الحديث عنه. وفي إحدى الدعوات طلب مني أحد مسؤولي مراكز «الثينك تانك» الإسرائيلية السيد (مايك التار) أن أقوم بوضع أجندة مؤتمرهم السنوي، الذي يحضره آلاف من السياسيين وأقوم بإدارته بأي طريقة أرغب فيها، وأن أنتقد اي شيء له علاقة بإسرائيل وسياستها بأي أسلوب أرغب فيه. ولكن تبقى قوانين دولتي المملكة العربية السعودية هي الفيصل، التي تمنع اي نوع من الزيارات لإسرائيل. وباختصار شديد فالكثير من المواطنين الإسرائيليين الآن بدأوا يفكرون جديا في مبادرة السلام العربية، ويعرفون مدى الثقل السياسي والمكانة التي تتمتع بها المملكة. فهم قد تباحثوا مع الفلسطينيين وكل الدول المجاورة لإسرائيل وعقدوا اتفاقيات ثنائية معهم، ولكن نصب اعينهم المملكة بسبب مكانتها في العالم، خاصة العالم الإسلامي. وبالرجوع لزيارة المواطن أنور عشقي فالكثير استغرب من عدم قيامه بالتأكيد بأنه يمثل نفسه وعدم تصحيحه لكلمات تداولها الإعلام الإسرائيلي بأنه مستشار رسمي في الدولة، بل إن بعضا من المحللين الإسرائيليين قد استغرب من ضحالة ما قام بطرحه أو الحديث عنه، خاصة أثناء زيارته. وأثناء حديث جانبي يوم الثلاثاء الماضي مع الكاتب في صحيفة النيويورك تايمز السيد توماس فريدمان، فقد ذكر أن الزيارة لم يكن لها اي داعٍ أو ضرورة. بل إنه ذكر أن المملكة تتمتع بمكانة قوية ولديها قدرة على أن تملي ما تريد من أي طرف وليس من المناسب ترك مفتاح حديث ولو بطريقة غير رسمية بين المملكة وإسرائيل بيد مواطن مثل أنور عشقي لا يتمتع بكاريزما جاذبة، وأعتقد أن السيد أنور عشقي بزيارته وأسلوب طرحه لم يترك نقاطا واضحة فيما يريد. وأعتقد أنه لاحقا سينقلب ضده مَنْ صفق له من الإسرائيليين، وزيارة مثل هذه وحساسيتها يجب ألا تترك لتصرفات شخصية. والسؤال يبقى: لماذا قبل أنور عشقي دعوة لزيارة إسرائيل؟