شمسة البلوشي

لماذا انقرضت الديناصورات؟

على قدر غرابة السؤال يأتيك الجواب أكثر غرابة، فهي بكل بساطة وكما تقول الحقائق العلمية: إنها لم تستطع أن تتكيف مع من حولها؟؟!! وأيَّاً كانت صحة هذا الاستنتاج أو لنقل التخمين فهو جديرٌ بالتفكير فيه جيداً ونقله كحقيقة علمية على حياة الإنسان، فإلى أي مدى نحتاج إلى التكيف مع من حولنا، مع بيئتنا، مع أفراد أسرتنا، في محيط العمل، مع شركاء جدران منازلنا، مع كل البشر، ومع كل مستجد في حياتنا- قبلناه أم رفضناه- مع العالم المختلف من حولنا، حتى مع التقنيات التي تتسابق سريعاً إلى حد اللهاث حتى لا نعيش عزلةً نفسيةً تنقرض فيها ذواتنا تدريجياً! من صفات الناجحين أنهم يُحسنون التكيف مع مختلف الظروف، فمهما جاءت سماؤهم بشمس مشرقة أو حارقة أو بغيوم داكنة فهم يتلونون مع ألوان الطيف، وينسجمون كليةً مع المتغيرات في حياتهم، بل ونراهم يستمتعون بهذه التقلبات وحتى الفجائية منها، فالشمس المشرقة تُنير حياتهم وتمدهم بالدفء وبشيءٍ من اللون البرونزي الجميل، والشمس الحارقة تجعل المشروبات الباردة والمثلجة أكثر متعةً مع من يُشاركهم هذه اللحظة الجميلة، أما الغيوم الداكنة فلها لغةٌ أخرى فهي تحمل معها رسائل مبهجة بأن السماء سوف تمطر في الغد رزقاً!! من ضمن الحقائق العلمية هي أن كل (7) سنوات لا بد أن نعيد تقييم أنفسنا لنزداد تطوراً وتحويلاً، ولا بأس بأن ننسف بعض الثوابت المتأصلة لدينا من سنوات لأنها أصلاً هي من المتغيرات شرط أن نُبقي على الثوابت الشرعية والقيم والمبادئ السامية، يُقال: «ليس كل قديم أصيل، وليس كل جديد دخيل» مقولة تستحق التأمل، في النهاية هي حقيقة ضمن حقائق قابلة للتجديد والتغيير والتعديل. التكيف مع مفاجآت الموقف هو نوعٌ من الذكاء الاجتماعي، وهذا النوع تعرَّض له طالب في إحدى المدارس، عندما قال المعلم لطلاب فصله: غداً سيكون لديكم اختبار في خمسة فصول: (الحيات، الفيل، الأسد، الفهد، الزرافة) فاستعدوا، احتار الطالب: ماذا يفعل؟ فالوقت قصير جداً والفصول كثيرة، فاختار أن يحفظ كلَّ شيء عن الحيات (الثعابين)، وجاء السؤال واحداً محدداً: اكتب كل ما تعرفه عن الفيل؟!! لم يتردد الطالب كثيراً، فبدأ الكتابة بالمقارنة (خرطوم الفيل يشبه إلى حد كبير «الثعبان»، والثعبان هو.........، وأكمل المقارنات والمفارقات بين الفيل والثعبان، في النهاية حصل الطالب على الدرجة الكاملةً!! لقد أحسن الطالب التكيف مع المأزق، فأوجد لنفسه «المخرج»، استفاد مما تملكه يداه، فطوَّع علمه إلى ما هو المطلوب منه، ولم يعش لحظة «جلد الذات» بصفر اليدين!! نحن مُعدُّون للتطوير والتغيير، مراحل نمونا الجسماني تؤكد لنا ذلك: (نطفة فعلقة فمضغة فعظام ثم يكسوها اللحم ثم خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)، مراحل متناسقة في سباق زمني أُعدَّ بعناية وإعجاز وبقدر، ولكل مرحلة في حياتنا جمالها وأهميتها وخصائصها، فليتنا نعيش هذا الجمال فلا نندم على ما فات ولا نستعجل ما هو آت! فرقٌ كبير بين الإنسان الذي ينام، وآخر يتلذذ بالنوم، وفرقٌ بين التاجر الذي يستعجل الثروة وينتظرها مع أول عميل وبين ذاك التاجر الماهر الذي يعلم أن 80% من البيع الناجح غالباً ما يتم بعد خامس اتصال مع العملاء! أهم ما في الحياة أن ينتبه الواحد منا لنفسه ولاحتياجاته- دون أنانية- فالشبعان يستطيع أن يُطعم غيره، أما الجائع فكيف له بذلك؟؟ إن إشباع الحاجات ضروري في حياتنا (الأمن، التقدير، الحب، الطعام، النوم، و و و و)، البعض منا أضاع حياته إرضاءً لغيره، لأسرته، لعمله، مجاملة لمن حوله، فضاعت منه أجمل محطات حياته ومعها ضاعت الفرص الكثيرة، ولم ينتبه إلى أن قطار العمر يجري! وفي هذا يقول الشاعر الأمير/ خالد الفيصل:ما هقيت إن الزمن مثل السراب والليالي خيبت راجينها أثر ساعات العمر مثل السحاب بالظلام تمر ما ندري بها!