نجيب الزامل

قيظ الجو.. وقيظ تعرفة الكهرباء

عندي خالان أصغر وأكبر رحمهما الله.وكلاهما بشكل مباشر ساهما بإدخال صناعة الكهرباء في مدينتهما. وهي قصة تحكى، خصوصا ونحن الآن مع شركة كهرباء عملاقة جدا قد تكون الأكبر من نوعها في العالم، وتواجه تحديات نعلمها، وتحديات أكبر لا نعلمها. الخال الأول الأصغر:الخال الأول الأصغر ابراهيم صالح السحيمي. في العام 1965م كانت عائلة السحيمي قد استقرت بالجبيل قبل ذلك التاريخ بعشرين عاما بعيد حرب فلسطين مباشرة في العام 1948م على الساحل الشرقي قادمة من عنيزة بالقصيم. وكان بالجبيل ميناءٌ نشطٌ. الخال ابراهيم أنهى دراسته الابتدائية بتفوق، لمّا كان خريجُ الابتدائية يتفوق على خريج الجامعة الآن بعلوم الشرع واللغة والخط وعلوم متقعرة بالحساب، وانتهى به الأمر على صغره مديرا لمدرسة الجبيل الوحيدة، ولن تجد شخصا درس في الستينيات بالجبيل إلا ويعرف الخال ابراهيم جيدا. على أن الخال ابراهيم تعدى دوره بشخصيته الكارزمائية دور المدير ليصبح عمدة للمدينة «بإدارة ظل، على طريقة بريطانيا.. إيه، ليه لأ؟». ومنها أنه أول من أدخل ماكينة ديزل لتوليد الكهرباء، وأدخل معه من يريد أن يشارك ماليا بدفع قيمة الديزل مع حفظ الأصل للخال ابراهيم وهو الماطور! وكان الناس يتجمعون كل مساء بحوش بيته لمشاهدة التلفار (محطة أرامكو) وكان التلفزيون الوحيد آنذاك. حدث ان ارتفع سعر الديزل، وصار الموضوع أكبر مواضيع المدينة النائمة وراء كتف الحضارة، واصر أحدهم على عدم دفع الزيادة لأنه لا يستطيع، فتكافل البقية، ولكن استمر نقاش لا يهدأ وأظن أن الخال أنهى المشروع أو شيئا من القبيل.الخال الأكبر عبدالرحمن:الخال عبدالرحمن السحيمي انتقل في أواخر الخمسينيات من الجبيل للدمام الواعدة، ولتمتعه أيضا بكاريزما شخصية استثنائية ساهم حرفيا بجعل المدينة على ما هي عليه اليوم، كأول من أسسوا الغرفة التجارية، ورأس - وهنا المهم - المساهمة لتأسيس أول شركة كهرباء باسم شركة كهرباء الدمام. نمت الشركة حتى صار لها من يمثلها في نواحي القطيف إلى نواحي الخبر. وقد ثار جدل كبير حول التحصيل والأسعار، ومساهمة أرامكو؛ قضايا شغلت الدمام.. على أن الشركة كبرت حتى أصبحت شركة مستقلة للمنطقة الشرقية من المملكة.الحال الآن:يشاء رب العالمين ويرأس الآن هذه الشركة الماردة وأمامها مهمة أسطورية وهي تغذية بالكهرباء لكل بيت بمساحة مليوني كيلو متر مربع- المهندس زياد الشيحة، وأبوه محمد ليس بعيدا عن تاريخ شركة كهرباء الدمام، وعلاقات عائلته ممتدة ايضا للخالين عبدالرحمن وابراهيم. ومن تحمل مسؤولية كبرى، فلابد ان يكون له جلد سميك لا يخترقه الرصاص.. فالناس الآن تلتهب قيظا ومن ارتفاع الأسعار، بظروف ليست بيد الشيحة ولا مساعديه. ولكنه يفهم أن من تضغط على جرحه سيصرخ. بنفس الوقت ينفذ مشاريع عملاقة في ظل ظروف اقتصادية ثقلت.عرفت الشركة أنه لابد أن تفتح جسرا حقيقيا مع من تخدمهم بكونها لهم قبل كل شيء. وسنرى كيف بالأيام القادمة سيفعلون ذلك، وهذا يتطلب شجاعة وصبرا وتحملا وصدقا.. والموضوع لم ينته هنا، وسنتابعه بأكثر من «محطة»!