عبد اللطيف الملحم

التجسس التقني واختراق أمريكا

في الوقت الذي تتمتع فيه أمريكا بأنها أحد أقوى الدول في تقنية الجاسوسية، قد لا يعرف الكثير بأن أمريكا تعترف بصورة مستمرة بأنه يوجد على أراضيها حوالي (100 ألف) من العملاء والجواسيس الذين يقومون بالتجسس عليها عسكريا واقتصاديا وإستراتيجيا. وفي الوقت الحالي يعتبر أخطر الجواسيس هم من يستطيعون اختراق النظام الاقتصادي أو النظام التكنولوجي لأي شركة في دولة ما. ويتبع ذلك نوع الجاسوسية الذي يخترق قائمة الأسماء للعملاء الذين يعملون خارج حدود الدولة. وفي الماضي كان أحد أهم أهداف الجاسوسية هو معرفة القدرات العسكرية، ولكن في الوقت الحالي أصبح تدريب الجنود وصيانة المعدات العسكرية من الأمور ذات الأهمية الأكثر من معرفة عدد الطائرات أو السفن أو أي صنف آخر من العتاد العسكري؛ لأن ذلك هو ما يحدد قوة الدولة في ميادين القتال. ولكن تبقى المعلومة التكنولوجية أو القرارت الاقتصادية هي الأهم في هذا الزمان. ومثال على ذلك هو أنه وفي الأيام القليلة الماضية قامت الشرطة الأمريكية باغتيال منفذ عمليات القنص التي ذهب ضحيتها عدد من أفراد الشرطة في مدينة دالاس بولاية تكساس بواسطة روبوت يتم التحكم فيه عن بعد، لتبدأ الشركات العالمية المتخصصة في علوم التكنولوجيا والأبحاث في معرفة تفاصيل ما قامت به شركة (نورث روب غرومان) من أي تحديث لروبوتات موجودة في الكثير من الدول. ولكن قامت شرطة مدينة دالاس الأمريكية بوضع عبوة وزنها نصف كيلو غرام من مادة (سي 4) لتقوم عندها بتفجير العبوة التي قتلت القناص المطلوب. وفي هذا الوقت بالذات بدأت أنشطة غير مسبوقة في عالم الجاسوسية لمعرفة إن كان هذا هو التكتيك الجديد للتعامل مع المجرمين الخطرين. فقد رأى عالم الجاسوسية في العقد الماضي كثافة الحركة التي تلت استخدام أمريكا لطائرات بدون طيار ليس لالتقاط صور أو للتجسس فقط، بل والتي لديها القدرة على حمل صواريخ موجهة وإطلاقها على أهداف معادية. وأصبح سوق الطائرات الهجومية من دون طيار أحد أهم مصادر الدخل للكثير من الشركات المصنعة لهذا السلاح الجديد. ومثال آخر وهو أنه وقبل عدة سنوات أوضحت تقارير استخباراتية أمريكية أن الصين قامت بافتتاح مدرسة خاصة لتدريب أطقم جوية على صيانة وقيادة طائرة نقل عملاقة في وقت لا تقوم فيه الصين بتصنيع أي نوع من طائرات الشحن الضخمة، ولكن قبل عدة ايام افصحت الصين عن إقلاع طائرة عسكرية ضخمة للنقل الجوي بتصميم وتقنية من الواضح أنها مشابهة لما في طائرات الشحن الأمريكية من نوع (سي 5) ونوع (سي 17). ولهذا بدأت الشركات المصنعة لطائرات الشحن منذ رؤيتهم الرحلة الأولى للطائرة الصينية بالعمل على حسابات دقيقة فيما يخص تأثير دخول الصين في هذا المجال، وكذلك اسرع الطرق لإدخال تكنولوجيا جديدة وميزات في صفوف الإنتاج. الجاسوسية هي صناعة عالمية وليست خاصة بدولة واحدة، فأمريكا التي لديها أكبر قدرة على اختراق الدول تعتبر أكثر دولة تم اختراقها.