فهد الخالدي

صلاحيات المجالس البلدية.. وتعاون البلديات

تجربة الانتخابات البلدية في المملكة إلى حد الآن هي تجربة واعدة، وهناك العديد من المؤشرات على نجاحها وإمكانية تطويرها من خلال اختيار الكفاءات والثقات من جهة، ومن خلال تطوير صلاحيات هذه المجالس وتوسيعها، خاصةً في المجال الرقابي الذي تبين من خلال عمل هذه المجالس تباين المواقف ووجهات النظر في حدود دور كل من المجلس البلدي والمسؤولين في البلدية، كما حصل مؤخراً في بلدية محافظة القطيف بين المجلس والمسؤولين في البلدية مع أن الدورتين الأولى والثانية للمجلس لم تشهدا مثل هذا التباين، الذي تشهده الدورة الحالية الثالثة؛ حيث رفع المجلس شكوى إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية من عدم تعاون البلدية في تزويد المجلس بالتفاصيل والمعلومات، التي تمكنه حسب وجهة نظر أعضاء المجلس من ممارسة دوره الرقابي على المشروعات المعتمدة أو المقترحة، فيما يقول رئيس البلدية وفق ما نشرته الصحف المحلية: إن كل ما يتم طلبه من المجلس البلدي تتم الإفادة عنه في حدود اللائحة المنظمة للعلاقة بين الجهتين، مستدلاً في ذلك على التعاون المثمر، الذي ميّز العلاقة بين البلدية والمجلس خلال الدورتين السابقتين من عمله في المحافظة، حيث يقول: إن تبادل المعلومات بين البلدية والمجلس لم يتوقف، وكان يتم مباشرة بين الطرفين دون مخاطبات ومن خلال التواصل المستمر بين أعضاء المجلس وموظف الجهاز التنفيذي في البلدية عبر جميع القنوات بما في ذلك جلسات واجتماعات المجلس البلدية. ما يثير الاستغراب بصراحة هو لماذا هذا الاختلاف، ولماذا الشكوى إذا كانت العلاقة بين الجانبين قد جرى تنظيمها وتحكمها لائحة تنفيذية توضح بكل جلاء، خاصةً في المادتين التاسعة والعاشرة منها، اللتين تنصان على تزويد المجلس البلدي بكل التفاصيل فيما يتعلق بالمشاريع المعتمدة والمنفذة من حيث مكونات المشروع والنطاق، الذي يخدمه وبرنامجه الزمني ومتطلبات التنفيذ والإجراءات اللازمة له والجهة المشرفة على تنفيذ المشروع في البلدية، فيما تتضمن المادتان الحادية عشرة والثانية عشرة مزيداً من التحديد لآلية ممارسة المجلس البلدي لدوره وحدود هذه الممارسة ودور البلدية في تسهيل مهمة المجلس في هذا المجال، لا سيما أن رئيس البلدية أيضًا أكد فيما صدر عنه من تصريحات حول هذه الأزمة أهمية التعاون بين البلدية والمجلس من خلال تزويد الأخير بالتقارير، التي يطلبها عن المشاريع، وكذلك كراسات الشروط والمواصفات للمشاريع التي يحددها، وإقراره أيضًا بأن قرارات المجلس الصادرة وفقًا لأحكام النظام ملزمة للبلدية في حدود صلاحياتها وفقًا لأحكام النظام والاعتمادات المتوافرة لديها، ورفع ما يتجاوز هذه الصلاحيات إلى جهة الصلاحية من المراجع الإدارية للبلدية. على ضوء ذلك وعلى ضوء وضوح آلية التعامل بين الجهتين، خاصةً ما يتضمنه القرار الوزاري ذو الصلة، الذي ينص بوضوح على تزويد المجلس بتقرير ربع سنوي متضمنًا المشاريع، التي تمت ترسيتها والمعتمدة والمتعثرة خلال الفترة المالية المحددة لكل تقرير، كما يوضح أن المجلس يحق له اختيار عينة عشوائية من المشاريع، وأن يطلب من البلدية تزويده بكل المعلومات والمتطلبات، التي تمكنه من ممارسة دوره الرقابي. خلاصة القول: إن هناك أنظمة تحدد صلاحيات المجلس البلدي واختصاصاته تقر البلدية بأهمية تطبيقها، ومنها نظام البلديات والقرى ونظام المجالس البلدية واللائحة التنفيذية، التي أشرنا إليها سابقًا، وأن هذه اللوائح والأنظمة تتضمن جانبين رقابي وتنفيذي يشملان كل الأعمال، التي تعنى بتنظيم المنطقة وتجميلها والمحافظة على الصحة والسلامة العامة وراحة المواطنين. فإن الأمر على ضوء ذلك يبدو أنه سوء فهم وسحابة صيف عن قريب تنقشع أو أنها انقشعت فعلاً، لأن رائد الجميع هو المصلحة العامة، وفي جميع الأحوال فإن المجلس البلدي يسجل نقطة إيجابية في إصراره على ممارسة دوره، كما يسجل للبلدية ومسؤوليها أيضًا المبادرة إلى الترحيب بهذا الدور والاستعداد للتعاون في ذلك إلى أبعد الحدود..