د.سامي الجمعان

«الطالب» الجامعي: رهان جامعته

طاقة هائلة، امكانات لا توصف، عطاء لا محدود، أفكار مبتكرة، سنجدها حاضرة لدى الطالب الجامعي إذا ما بحثنا عنها، وإذا ما منحته جامعته الفرصة اللازمة لإظهار تلك الإمكانات، وطرقي لهذه الحقيقة منبعها التجربة الشخصية التي عشتها ولا أزال مع الطالب الجامعي، وانتهيت منها إلى تلك النتيجة: (الطالب الجامعي رهان جامعته)، حتى وإن اتفقنا على أن من أولويات الجامعات منح الطالب مقعدا دراسيا يتلقى عبره العلم والمعرفة، لأنها تتأسس على هذه الإستراتيجية الأكاديمية، ولكن: يبقى لديها مهمة أخرى تتفاوت جامعاتنا في تأديتها، ومرجع هذا التفاوت قيامه على هذا الاجتهادات الشخصية في كل جامعة، وتتلخص تلك المهمة في: (فتح الطريق للطالب لأن يبدع خارج القاعة الدراسية)، وأن يعلن عما يمكنه تقديمه لجامعته من مواهب وإمكانات وأفكار.مع شديد الأسف أقول: إن بعض الجامعات تتكىء فقط على عمادات شؤون الطلاب في هذا، وتعتبرها المسؤولة مسئولية كاملة عن إبراز مواهب الطالب، متناسية أن مثل هذا الأمر لا يتأتى للعمادة ما لم تتحول قاعة الدرس إلى محضن الاكتشاف الأول لمواهب هذا الطالب، فإذا ما أدت الفصول الدراسية دورها على الوجه الأكمل كانت بمثابة تذكرة العبور الأولى لخروج الطالب الجامعي إلى فضاءات الإبداع، واثبات الذات وتطوير الميول سواء على مستوى كليته أو على مستوى جامعته بأسرها، ففي تقديري أن الطالب في كل جامعة هو كنزها المخزون إذا ما وجد من يكتشف هذا الكنز وينفض عنه غبار الخجل والتواري، فطلابنا الذين دائما ما نصفهم بالمستهترين والبلداء والسلبيين يتحولون إلى طاقة هائلة من العطاء إذا ما وجدوا قاعات دراسية تتبنى مواهبهم كخطوة أولى، ويستحيلون فاعلين على درجة لا توصف إذا ما التفت أساتذتهم إلى ميولاتهم وحفزوهم على تقديمها، فكيف ننعتهم بالسلبية والبلادة وهم يعيشون في خضم هذا الواقع التكنولوجي المتطور، فوالله ستذهلك قدراتهم فيه!! نعم: نراهن على طالبنا الجامعي ولكن ولكي يتحقق هذا الرهان علينا أن نحقق اشتراطاته، وعلى رأسها أن ينزل الأستاذ الجامعي من برجه العاجي، ويقدم نفسه شريكا للنجاح مع طالبه، وأن يكون قريبا منه بلا تعالٍ أو غطرسة، وأن يبني علاقته به على مبدأ الثقة والوضوح، ثم وهو الأهم أن يظل عين رقيب عليه، يتابعه في منتجه ونشاطه، وهذا الشرط الأخير يحقق التوجيه أولا، ومن جانب آخر ينظم حالة الحماس والاندفاع التي هي من سمات الطالب الشاب في مقتبل حياته، فتكون سببا في شطحات قد لا تتناسب مع رسالته ورسالة جامعته، فتحقق له هذه الرقابة وذاك التوجيه توخي الحذر وضبط الخطا وموازنة الحماس.بقي على تحقيق شخصية الطالب الجامعي المبدع اشتراطان: أن توفر له جامعته الفرص اللازمة لاثبات وجوده وتقديم مواهبه، وهذا يتطلب تنويعا في مجالات النشاط، وتعددا في كمها، كما يتطلب أن يفسح المجال فيها للطالب ليكون رئيسيا في تنفيذها تحت إشراف مباشر من أساتذته، أما الثاني فتتبنى الجامعة ممثلة في كلياتها وأقسام هذه الكليات الطالب الجامعي المبدع، والتبني المقصود هنا تذليل الصعوبات له، ودعمه دعما خاصا، فضلا عن استقطابه موظفا رسميا في الجامعة إن استحق ذلك بجدارة، بحيث لا يترك الطلاب الفاعلين المتميزين دون تبنٍ ودون رعاية فيتسربون بحثا عن وظيفة، فتخسر الجامعات رهانها على طلبتها!!.